وأعلن عمر أنه لو وجد أعوانا ما أعطى الدنية، أي ما سمح بتوقيع هذا الصلح، ولقد استخف نفرا من (أسلم) وغضب الكثير لغضبه (42)، وحاول أن يلغي المعاهدة، ولكنه لم ينجح، ومنذ ذلك التاريخ أدرك أهمية وجود الأعوان لغرض رأيه (43).
ومن الغريب أن يصدر هذا الموقف من عمر بن الخطاب وهو الذي رفض بالأمس أن يحمل رسالة من النبي إلى قريش معتذرا بأنه يخاف قريشا على نفسه!
وهو نفس عمر الذي اشترك في معركة بدر ولم يثبت أنه قتل مشركا أو جرحه، وهو نفسه الذي هرب من معركة أحد، وقد ذكره الرسول بذلك يوم أقبل عليه فقال: " أنسيتم يوم أحد إذ تصعدون ولا تلوون على أحد، وأنا أدعوكم في أخراكم؟ " (44).
وبالرغم من معارضة عمر الشديدة لصلح الحديبية ورده على الله ورسوله، فإن أولياءه يسجلونه شاهدا على هذا الصلح، ويؤكدون أنه وقع عليه.
وعلى أي حال فقد تغلب الرسول على الاعتراض والمزايدة، ويوم الفتح استدعى عمر وقال له: " هذا الذي قلت لكم "، فقال عمر: أي رسول الله، ما كان فتح في الإسلام أعظم من صلح الحديبية (45).