إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف، أمسى في يد غلماننا اليوم يتلعبون به (52).
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله على علم كامل بنفسية أبي سفيان وحقده وجديته في عداوته للإسلام ولنبي الإسلام ولأهل بيت النبوة، وكان من الطبيعي جدا أن يلعنه لكي يكشف حقيقته للأمة، فقد روى الإمام الحسن (ع) أن رسول الله قد لعن أبا سفيان في سبعة مواطن (53)، ولعنه في صلاة الصبح في الركعة الثانية فقال: " اللهم العن أبا سفيان، وصفوان بن أمية... " (54)، وعن البراء بن عازب قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية، فقال رسول الله: (اللهم العن التابع والمتبوع، اللهم عليك بالأقيعس)، فقال ابن البراء لأبيه: من الأقيعس؟
قال: معاوية (55).
2 - بفتح مكة سقطت عاصمة الشرك رسميا، وتلقت عقيدة الشرك ضربة قصمت ظهرها تماما، وتغيرت الخارطة السياسية كليا، فأصبحت الدولة الإسلامية هي القوة الوحيدة في بلاد العرب، ولم يعد بوسع أحد أن يعلن عن شركه أو يجاهر بمعارضته لعقيدة التوحيد.
وكان تصرف النبي مع المغلوبين من بطون قريش بحجم خلقه العظيم، إذ قال لقادة الشرك ومن والاهم من سكان مكة: " اذهبوا فأنتم الطلقاء " (56)، والتصق نعت (الطلقاء) بهم ولم يقووا على التخلص منه حتى بعد أن نجح انقلابهم المشؤوم وقبضوا على مقاليد الأمور بالقوة، وصاروا رسميا قادة المسلمين بالقمع وقوة السلاح.
واغتنم النبي الفرصة وأراد أن يصفي ما تبقى من أوكار الشرك، فاتجه إلى حنين، ومعه كثرة كاثرة من المسلمين سكرى بزهو النصر، ففاجأهم عدوهم فولوا مدبرين، ولكن النبي وأهل بيته ثبتوا حتى