خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٥٦
اللهم إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيك إلا تلدا إن قريشا أخلفوك الموعدا * ونقضوا ميثاقك المؤكدا (47) فغضب النبي صلى الله عليه وآله غضبا شديدا، ولكنه كتم غضبه، وصمم نهائيا على أن يضع حدا لوجود بطون قريش، وأن يجبرها على الاستسلام، ولتحقيق هذا الهدف جهز الرسول عشرة آلاف مقاتل، وخطط لأن يفتح مكة بدون إراقة دماء، فتحرك بجيشه دون أن يعلم أحد بالجهة التي يقصدها، ولم تشعر البطون إلا وجنود الله يحيطون بعاصمة الشرك إحاطة السوار بالمعصم.
كان أبو سفيان خارج مكة فلما عاد إليها فوجئ بسيطرة المسلمين على الموقف، وتلقاه العباس بن عبد المطلب، واقترح عليه أن يذهب به إلى رسول الله ليستأمن له، ووافق النبي (ص) على أن يؤمن أبا سفيان حتى الغداة (48).
وفي اليوم الثاني اقتيد أبو سفيان إلى النبي كما يقاد الجدي (49)، وخاطبه النبي قائلا: ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟
فقال أبو سفيان: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئا بعد. فقال الرسول: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ فقال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه فإن في النفس منها حتى الآن شيئا (50).
وتدخل العباس لإنقاذ أبي سفيان قائلا: ويحك أسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك (51).
فاضطر أبو سفيان لأن ينطق بالشهادتين لكي لا تضرب عنقه، وبقي في دخيلته ينطوي على حقد دفين على النبي وآله، ولقد مر يوما في خلافة عثمان على قبر حمزة بن عبد المطلب، فداس عليه برجله وقال: يا أبا عمارة،
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»