خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٥١
إن قريشا عندما تعلم بأن محمدا ومن معه قد جاؤوا لأداء العمرة ستندهش حتما، وستتخذ أحد موقفين، فإما أن تأذن لهم بأداء العمرة، أو تمنعهم من ذلك، فتحرج نفسها أمام العرب، لإخلالها بواجبها نحو البيت المتمثل بحمايته وتسهيل أمور حجاجه وزواره، وعلى كل فإن الإذن أو المنع لا يحصل إلا بعد تردد ومفاوضات، وفي هذا مكسب للنبي صلى الله عليه وآله، إذ أن في المفاوضة اعترافا رسميا من البطون بوجوده بوصفه كيانا مقابلا لها.
أذاع النبي صلى الله عليه وآله قراره بأداء العمرة، وأمر أصحابه بأن يتجهزوا، على أن يخرجوا بغير سلاح إلا السيوف في الأغماد، وخرج من المدينة معتمرا مع (1600) من أصحابه (35).
بلغ قريش خبر خروج النبي وصحبه معتمرين ومعهم الهدي، فراعها ذلك، واتخذت الترتيبات اللازمة لمنعهم من أداء العمرة، فوضعت العيون على الجبال لرصد تحركات النبي صلى الله عليه وآله، وقدمت مئتي فارس إلى كراع الغميم، واستنفرت من يطيعها من الأحابيش، واستعانت بثقيف، وخرجت بطون قريش ومعها النساء والأطفال، وعسكر الجميع في منطقة بلدح (36).
أحيط النبي صلى الله عليه وآله علما بقرار بطون قريش، فاستقر في الحديبية، فهو ليس في عجلة من أمره، وجاءه وفد من خزاعة وهم حلفاؤه وحلفاء آبائه وأجداده، فقال لهم: " إنا لم نأت لقتال أحد، إنما جئنا لنطوف بهذا البيت، فمن صدنا عنه قاتلناه " (37)، وقام الخزاعيون بتبليغ رسالة النبي لقريش التي أرسلت عروة بن مسعود ليتأكد من صحة ما نقله وفد خزاعة، فعاد يؤكد لهم ذلك، وهو مبهور بشخصية النبي وبعمق العلاقة بينه وبين أصحابه.
وجاء رئيس الأحابيش حليس بن علقمة إلى مقر رسول الله، فشاهد الهدي
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»