خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٥٨
استعادت جموع المسلمين روعها، فكرت بعد فر، وألحقت الهزيمة بعدوها (57).
ثم اتجه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الطائف آخر معاقل الشرك، فتحصن بها أهلها، فحاصرهم النبي، ثم قدر أن الطائف قد سقطت عمليا، وأن أهلها آتوه يوما (58)، فعاد إلى المدينة المنورة يغمره السرور بنصر الله والفتح، وما إن استقر قليلا حتى بدأت الوفود تتقاطر عليه معلنة إسلامها على يديه (59).
وخلال تلك الفترة كان النبي يتفقد ما بقي من جيوب الشرك ويرسل سراياه وبعوثه لتطهيرها وهداية أهلها، وارتاحت نفسه الشريفة وهو يرى أن بلاد العرب قد توحدت أول مرة في التاريخ، وبكلفة بشرية لا تتجاوز أربعمئة قتيل، وبمدة زمنية لم تتجاوز تسع سنين، واطمأن قلبه الطاهر وهو يرى دين الإسلام قد أصبح دينا لكل سكان بلاد العرب.
3 - أقلقت هذه الإنجازات الهائلة مضاجع قادة الدولتين العظمتين.
آنذاك خاصة الأباطرة، وأشيع أن الروم قد حشدوا جيشا كبيرا، فاستنفر رسول الله المسلمين، وجهز حملة كبرى قوامها ثلاثون ألف مقاتل، وسار بهذا الجيش في ظروف صعبة قرابة (500) كيلو متر حتى وصل إلى تبوك (60)، وأخضع دومة الجندل، ووطد سلطان الإسلام وهيبته، وأحجم الروم عن ملاقاته بعد أن قذف الله في قلوبهم الرعب، وحققت الحملة أهدافها النفسية، فضلا عن الكم الهائل من العبر والأسرار، فقد جمعت غزوة تبوك الأخيار والأشرار، وثبت للأخيار أن الذين أجرموا يحقدون على محمد وعلى آل محمد، وأن النبي وآله لو فتحوا أقطار الدنيا وملكوها للمجرمين، فلن يرضوا عن محمد وآله، هذا في الوقت الذي يتلفظ فيه أولئك المجرمون بالشهادتين ويدعون الإسلام، وأكبر دليل على ذلك الآيات القرآنية النازلة في غزوة تبوك
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»