عليه القلائد، فعاد إلى قريش قائلا: " أما والله ما على هذا حالفناكم، ولا عاقدناكم على أنت تصدوا عن بيت الله من جاء معظما لحرمته مؤديا لحقه، والذي نفسي بيده لتخلن بينه وبين ما جاء به، أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد "، فقالت له زعامة البطون: " اكفف عنا حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به " (38).
كلف النبي عمر بن الخطاب ليذهب إلى قريش، فرفض عمر الذهاب لأنه خاف من قريش على نفسه، وعندئذ كلف الرسول عثمان بن عفان ليقول لقريش:
" إن محمدا لم يأت لقتال أحد، إنما جاء ومن معه زوارا لهذا البيت معظمين لحرمته، ومعهم الهدي ينحرونه وينصرفون " (39).
بعد ذهاب عثمان أشيع بأنه قد قتل، عندئذ قال النبي صلى الله عليه وآله لأصحابه:
إن الله أمرني بالبيعة، فبايعه من معه من المسلمين، وانتشر نبأ البيعة، وسمعت به بطون قريش، وأدركت أن النبي جاد، وأنه سيقاتل إن لم يأذنوا له بدخول المسجد الحرام، فأصيبت قريش بالرعب، إذ أن استعدادها ينحصر في منع محمد من أداء العمرة، ولم تكن مستعدة لقتاله، فرأت أن من الخير لها أن تصالح محمدا، وأن تعقد معه هدنة طويلة الأجل على أن ينصرف عنها هذا العام ويعود للعمرة في العام القابل، لكي لا تفهم العرب أن محمدا دخل مكة عنوة على رغم البطون، ولأجل ذلك اختارت قريش ثلاثة من رجالها، وأوفدتهم للتفاوض مع النبي نيابة عنها (40).
3 - وأخيرا جلست بطون قريش ممثلة بوفدها لكي تتفاوض مباشرة مع محمد الذي لم تعترف بوجوده طوال مدة 19 عاما، وتمخضت المفاوضات عن كتابة صلح الحديبية الذي كان من أهم بنوده:
أولا - وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض.