خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٦٥
ومن هنا فقد اهتم الشارع المقدس ببيان من يتولى منصب الإمامة بعد النبي صلى الله عليه وآله، وأمر بنيه بأن يقدمه للمسلمين إماما وقائدا من بعده، فأعلنت ولاية العهد للإمام علي (ع) في نفس الساعة التي أعلنت فيها النبوة، بل إن الرسول صلى الله عليه وآله بين في مواضع متعددة طريقة انتقال منصب الإمامة أو القيادة من إمام إلى إمام، لأن أخطر ما يواجه الأمة بعد وفاة قائدها هو الصراع على الرئاسة.
إن النبي (ص) لم يحدد شخص الإمام من تلقاء نفسه، وإنما كان متبعا في ذلك لأمر الله واختياره " إن أتبع إلا ما يوحى إلي " (1)، وقد كان صلى الله عليه وآله يؤكد للمسلمين أنه عبد الله ورسوله، وأنه يرقب أمر الله ويصدر عنه حتى في الأمور اليسيرة، فكيف بأمر بمستوى خطورة الإمامة، التي هي جزء لا يتجزأ من الدين.
ومنذ أن أعلن رسول الله ولاية العهد لعلي بن أبي طالب يوم الدار بقوله:
" أنت أخي وخليفتي ووصيي فيهم من بعدي "، لم يصدر أمر إلهي بإلغاء أو نسخ هذا القرار، فبقي ساري المفعول، بل صدرت نصوص أخرى كثيرة في مناسبات وألسنة مختلفة تؤكد هذا القرار وتوضحه، والمسلمون يعلمون ذلك جيدا، وبطون قريش تعلمه أيضا.
2 - اعترضت بطون قريش على نبوة محمد، حسدا لبني هاشم وحقدا عليهم، فقاومت رسول الله 21 عاما، رافضة الاعتراف بنبوته، وإنما اضطرت البطون، لإعلان اعترافها بالنبوة لتحقن دماءها، بعد أن أصبح النبي قوة لا يمكن الوقوف بوجهها، ولا يعقل فيمن هذه حالهم أن تغير عواطفهم ومواقفهم حقيقة وواقعا بمجرد التلفظ بالشهادتين، ومن هنا فإن الذين اعترضوا على نبوة محمد وهم بطون قريش، هم الذين اعترضوا على إمامة علي، والذين اتحدوا لإجهاض نبوة محمد هم أنفسهم الذين اتحدوا لإجهاض إمامة علي وأهل بيت النبوة.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»