خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٥٠
* الفصل الثالث: الاعتراف بالوجود الواقعي للنبي صلى الله عليه وآله.
1 - أدرك العرب وعلى رأسهم بطون قريش أن شعار (استئصال محمد من الوجود) وهم غير قابل للتحقيق، وأن النبي يفرض سلطانه ويوطده يوما بعد يوم، وأنه تمكن من إحكام محاصرة الطرق التجارية التي تسلكها قوافل بطون قريش إلى بلاد الشام سواء عن طريق المدينة أو عن طريق العراق، وهو مصر على إبقاء حالة الحصار هذه حتى تخلي بطون قريش بينه وبين العرب.
لم يعد أمام البطون سوى التسليم بالوجود الواقعي لمحمد صلى الله عليه وآله، فقد أكلت الحرب معه أموالها وخيرة أبنائها، ولم تعد قادرة على البقاء في حالة استنفار عسكري دائم، ولم تعد تحتمل مواجهة الحصار التجاري، أو الاستمرار بمعاداة محمد ومحاربته نيابة عن العرب، وأدركت أن من مصلحتها الاستجابة لطلب النبي صلى الله عليه وآله، وهو لا يطلب منها الكثير، فغاية ما يطلبه أن تخلي بينه وبين العرب، فإن أصابه العرب كفوها إياه، وإن لم يصيبوه فإنه لن يتعرض لبطون قريش بالأذى.
لقد انتهت زعامة البطون إلى هذه القناعة وارتاحت لها، لكنها لا تدري كيف تعبر عنها دون أن تجرح كبرياءها، ولا كيف يمكنها أن تتفاوض مع محمد بعد كل الذي كان منها طوال 19 عاما.
2 - أدرك النبي صلى الله عليه وآله أن بطون قريش في حيرة من أمرها، وأنها تبحث جديا عن مخرج من ورطتها يزيل حالة التوتر الدائم بينه وبينها بشكل يحفظ لها ما تبقي من كبريائها، فصمم على مساعدتها وجرها باللطف إلى مائدة المفاوضات، ولأجل ذلك اتخذ قرارا بالعمرة وزيارة البيت الحرام، فإن حج البيت وزيارته حق مطلق لكل واحد من الناس، فما الذي يمنع محمدا بوصفه واحدا من الناس من أن يزور بيت الله الحرام؟ وما الذي يمنع المهاجرين والأنصار من ذلك؟
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»