والتي فضحتهم (61)، ومؤامرتهم الدنيئة على قتل النبي وهو يجتاز العقبة ليلا في طريق عودته من تبوك (62). والمثير للدهشة حقا أنهم في نفس الوقت الذي كانوا يعدون فيه مؤامرة قتل النبي صلى الله عليه وآله، كانوا يبنون مسجدا ويرجون من النبي أن يفتحه لهم تبركا به (63).
ولما قيل للنبي: لم لم تقتلهم؟ قال: إني أكره أن يقول الناس: إن محمدا لما انقضت الحرب بينه وبين المشركين وضع يده في قتل أصحابه. فقيل: يا رسول الله، فهؤلاء ليسوا بأصحاب. فأجاب النبي صلى الله عليه وآله:
أليس يظهرون أن لا إله إلا الله؟ فقال السائل: بلى، ولا شهادة لهم. فقال النبي: أليس يظهرون أني رسول الله؟ فقال السائل: بلى، ولا شهادة لهم. ولم يستوعب السائل، فقال النبي صلى الله عليه وآله: قد نهيت عن قتل أولئك (64).
أراد رسول صلى الله عليه وآله أن هذا الصنف من الناس يتلفظ بالشهادتين، ويمارس الأعمال التي تدل ظاهريا على إسلامه، وإن كانت قلوبهم منطوية على الكفر، وأنه ليس من صلاحية النبي أن يحاكم الناس على نواياهم وما في قلوبهم، نعم قام النبي صلى الله عليه وآله بكشف صفاتهم للمخلصين حتى يحذرهم المسلمون فلا يقعون في أحابيلهم، ولا ينخدعوا بمظاهرهم، لأنهم هم العدو، وهم الخطر الحقيقي على الإسلام والمسلمين.