* الفصل الثاني - توقيت الاعلان عن الانقلاب.
1 - لم يكن انتقال رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الرفيق الأعلى مفاجأة للمسلمين، فقد أعلن الرسول ذلك أكثر من مرة، وقال للناس في حجة الوداع: " لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا "، وقال في غدير خم: " يوشك أن أدعى فأجيب ".
وكان رسول الله يرقد على فراش المرض في حجرة عائشة، وقد جرت العادة أن تجتمع الأسرة عند مريضها، وأن يحضر وجهاء القوم عند زعيمهم إذا مرض مرض الموت، لكي يلخص لهم الموقف ويبين لهم توجيهاته النهائية، ولكي يعبروا له عن ارتباطهم به، وعن تقديرهم لجهوده التي بذلها طيلة فترة قيادته لهم.
ومن المؤكد أن رسول الله كان قد حدد موعدا لكتابة توجيهاته النهائية، وطلب حضور عدد من أهل ثقته وخواصه ليشهدوا كتابة وصيته، ليكونوا عونا لولي الأمر من بعده، وحجة على خصمه، ذلك أن محمدا ليس رجلا عاديا، وإنما هو خيرة الله من خلقه، ورسول الله، وولي الأمة، وقائد دولتها، فمن غير الممكن عقلا أن لا يستحضر أحدا عند كتابة توجيهاته النهائية.
وبما أن الرسول صلى الله عليه وآله قد حدد الموعد داخل بيته، ولم يعلم به إلا أهل بيت النبوة وزوجات الرسول، فكيف تسنى لعمر بن الخطاب أن يعرف هذا الموعد، حتى جاء إليه ومعه حشد من أنصاره ومن قادة التحالف، ليحولوا بين رسول الله وبين كتابة توجيهاته النهائية؟ ومن الذي أخبر عمر بمضمون هذه التوجيهات حتى عرفها تماما كما اعترف هو بذلك فيما بعد بقوله: " لقد أراد رسول الله في مرضه أن يصرح باسم علي بن أبي طالب، فمنعته " (9).
لا بد أن يكون عمر قد اطلع على موعد كتابة الوصية ومضمونها من مصدر ما داخل بيت رسول الله، وفي وقت أتاح له الفرصة الكافية ليجمع قادة التحالف