ويطلعهم على الأمر، ويتفق وإياهم على خطة للحيلولة بين الرسول وبين كتابة ما أراد.
فمن هو هذا المصدر في بيت رسول الله؟
لا بد أن يكون هذا المصدر أو المخبر يكره عليا بن أبي طالب بالضرورة، ويعارض خلافته للنبي، ولا بد أن تكون لهذا المخبر علاقة قوية تربطه بعمر وأبي بكر، ولما كان من المستحيل أن يكون المخبر من أهل بيت النبوة، فينحصر الأمر بالخدم أو بإحدى زوجات الرسول، والخدم لا يجرؤون مطلقا على هذا الأمر الخطير، فيبقى الاحتمال المؤكد أن يكون المخبر هو إحدى زوجات الرسول، بعد سماعها للرسول يتكلم بذلك مع الإمام علي، فسارعت باطلاع عمر على وقت كتابة الوصية ومضمونها.
هنا تقفز إلى الذهن حفصة زوجة الرسول وابنة عمر بن الخطاب، وعائشة زوجة الرسول وابنة أبي بكر، ربما كانت إحداهما قد أخبرت عمر أو كلتاهما معا، قال الواقدي: إن أبا بكر وعمر كانا معا لا يفترقان، وإن عائشة وحفصة ابنتاهما كانتا معا (10)، وقد أخبرنا الله تعالى عن تظاهر زوجتين من زوجات الرسول عليه، فقال: " وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " (11)، وقال عمر بن الخطاب فيما بعد: إن اللتين تظاهرتا على الرسول هما حفصة وعائشة، كما أخرج البخاري في تفسير هذه الآية (12)، وإن الله تعالى طلب منهما التوبة إلى الله، والتوبة لا تطلب إلا من المذنب (13)، وقد ضرب الله لهما مثلا امرأة نوح وامرأة لوط (14)، وقد قالت عائشة للنبي يوما: " أنت الذي تزعم أنك رسول الله " (15)، كل هذا يؤكد أن تكون إحداهما قد أخبرت عمر بموعد كتابة التوجيهات ومضمونها، ولكن من منهما على وجه التحديد؟ لنتابع استقراءنا للنصوص، ومنها:
أولا - ما أورده البخاري في صحيحه، قال: " قام النبي (ص) خطيبا، فأشار