خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٢٥
ولقد مد الانقلابيون نفوذهم حتى داخل بيت الرسول، فكانت عائشة معهم، يدفعها لذلك حبها لأبيها ولقومها بطون قريش، وحقدها على علي قاتل أبناء عمومتها، حتى أنها سربت رواية أسندتها إلى رسول الله وأنه أخبرها عن علي بأنه " يموت على غير ديني "، ورواية أخرى ادعت فيها أن رسول الله قال لها، من أراد أن ينظر إلى رجلين من أهل النار فلينظر إلى هذين، فنظرت عائشة، فإذا بعلي والعباس قد أقبلا " (57).
ولعلها وضعت هاتين الروايتين عندما بلغها أن عمر بن الخطاب هدد عليا بالقتل، فكأنها تقول لعمر، نفذ تهديدك، ولا تخش غضب الله، فإن رسوله أخبرها بأن عليا يموت على غير دين الإسلام.
كل ما تقدم يكشف عن أن الإمام علي وجد نفسه وليس معه أحد إلا أهل البيت وبني هاشم، وقدر أن المواجهة مع الذين غصبوه حقه في مثل تلك الظروف انتحار حقيقي، وإبادة له بوصفه مستودع علم النبوة، ولأهل بيته وهم شجرة النبوة والثقل الأصغر، لذلك قرر أن يقعد في بيته، وأن يحتج على الانقلابيين احتجاجا لا يفرق المسلمين، ولا يوهن الدين، فاعتزل في بيته، وصمم على أن يبدأ بتكوين قاعدة شعبية تفهم الإسلام على حقيقته، كما أنزله الله وبينه رسوله، لكي تتصدى لكشف ألاعيب الطامعين وتحريفاتهم.
3 - لم يكن أهل البيت آنئذ في حالة يشكلون معها خطرا على دولة الانقلابيين، ولكن عمر كان مصمما على تحطيم آل محمد من جميع الوجوه، لكي لا يطمع طامع منهم بالسلطة، فيأخذ الخلافة، ويجمع الهاشميون النبوة والخلافة معا، فيحدث الاجحاف بحق البطون، ومن جهة أخرى فإن عمر كان يريد أن يزين ملك التحالف ببيعة آل محمد، ولأجل ذلك قرر أن يستصدر من الخليفة سلسلة من القرارات الاقتصادية
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»