الباب الرابع الانقلاب الأسود على الشرعية الإلهية * * * * الفصل الأول - التنظير للانقلاب.
1 - لقد أخفى الانقلابيون أو قادة التحالف مشاعرهم الحاسدة والحاقدة على آل محمد، وتناسوا جراحات الماضي، فلم يذكروا قتلاهم في بدر وأحد والخندق، ولم يظهروا مشاعرهم وغصات حلوقهم، ولم يشعروا عليا بأنه قاتل الأحبة، ولا الرسول صلى الله عليه وآله بأنه المسبب في ذلك، بل صار من مصلحتهم أن يعترفوا به، لأنهم أدركوا أن الرسول قد بنى ملكات عريضا، فصاروا يطمحون لبقاء هذا الملك والاستيلاء عليه، وهذا يتوقف على الاعتراف بالنبوة وبالدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله، الأمر الذي يمكنهم من أن يحكموا العرب بهذين الشعارين، ويضمنوا طاعتهم بهما.
فمحمد من هذه الجهة قد خدمهم ورقاهم من حكم بلدة مكة إلى حكم بلاد العرب كلها، وفتح أمامهم أبواب الخيرات التي ستتدفق عليهم عن طريق الجهاد.
2 - ولما رأت بطون قريش إصرار النبي صلى الله عليه وآله على ولاية علي بن أبي طالب من بعده، وإصراره على إعطاء أهل بيت النبوة موقعا متميزا في قيادة الأمة، وسمعوا إعلانات النبي المتكررة بشأن هذا الموضوع، وحرصه العميق على توضيح التفاصيل المتعلقة بالقيادة من بعده، لما رأت بطون قريش كل ذلك، خططت لمواجهة الموقف بأسلوبين:
أولهما - إطلاق حملة الإشاعات التي تقدم ذكرها، من أجل التشكيك بشخصية الرسول وأقواله، وصولا إلى إبطال مفعول البيان النبوي المتعلق بالإمامة أو القيادة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.