قال: كيف تقلد ميتا بينك وبينه أربعة عشر قرنا، فإذا أردت أن تسأله الآن عن مسألة مستحدثة فهل يجيبك؟ فكرت قليلا وقلت: وأنت جعفرك مات أيضا منذ أربعة عشر قرنا فمن تقلد؟ أجاب بسرعة هو والباقون من الصبية: نحن نقلد السيد الخوئي فهو إمامنا.
ولم أفهم أكان الخوئي أعلم أم جعفر الصادق، وبقيت معهم أحاول تغيير الموضوع فكنت أسألهم عن أي شئ يلهيهم عن مسألتي فسألتهم عن عدد سكان النجف وكم تبعد النجف عن بغداد وهل يعرفون بلدانا أخرى غير العراق، وكلما أجابوا أعددت لهم سؤالا غيره حتى أشغلهم عن سؤالي لأني عجزت وشعرت بالقصور، ولكن هيهات أن أعترف لهم وإن كنت في داخلي معترفا إذ أن ذلك المجد والعز والعلم الذي ركبني في مصر تبخر هنا وذاب، خصوصا بعد لقاء هؤلاء الصبيان عرفت الحكمة القائلة:
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة * عرفت شيئا وغابت عنك أشياء وتصورت أن عقول هؤلاء الصبيان أكبر من عقول أولئك المشايخ الذين قابلتهم في الأزهر وأكبر من عقول علمائنا الذين عرفتهم في تونس.
ودخل السيد الخوئي ومعه كوكبة من العلماء عليهم هيبة ووقار، وقام الصبيان وقمت معهم، وتقدموا من (السيد) يقبلون يده، وبقيت مسمرا في مكاني، ما إن جلس (السيد) حتى جلس الجميع وبدأ يحييهم بقوله: (مساكم الله بالخير) يقولها لكل واحد منهم فيجيبه بالمثل حتى وصل دوري فأجبت كما سمعت، بعدها أشار علي صديقي الذي تكلم مع (السيد) همسا، بأن أدنو من (السيد) وأجلسني على يمينه وبعد التحية قال لي صديقي: أحك للسيد ماذا تسمعون عن الشيعة في تونس.
فقلت يا أخي كفانا من الحكايات التي نسمعها من هنا وهناك، والمهم هو أن أعرف بنفسي ماذا يقول الشيعة، وعندي بعض الأسئلة أريد الجواب عنها بصراحة.