هو الذي اختار رسوله محمدا ومع ذلك قال له: (وشاورهم في الأمر) (1).
أما في ما يتعلق باختيار القادة الذين يقودون البشرية فقال: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) (2).
فالشيعة إذ يقولون بخلافة الإمام علي بعد رسول الله إنما يتمسكون بالنص وهم إذ يطعنون في بعض الصحابة إنما يطعنون في الذين أبدلوا النص بالاجتهاد فضيعوا بذل حكم الله ورسوله، وفتحوا في الإسلام رتقا لم يلتئم حتى اليوم.
ومن أجل هذا أيضا نجد الحكومات الغربية ومفكريهم ينبذون الشيعة ويسمونهم بالتعصب الديني ويسمونهم رجعيين لأنهم يريدون الرجوع إلى القرآن الذي يقطع يد السارق ويرجم الزاني ويأمر بالجهاد في سبيل الله وكل ذلك عندهم عنجهية بربرية.
وفهمت خلال هذا البحث لماذا أغلق بعض علماء أهل السنة والجماعة باب الاجتهاد منذ فقهاء القرن الثالث للهجرة فربما كان ذلك لما جره هذا الاجتهاد على الأمة من ويلات ومصائب وخطوب وحروب دامية أكلت الأخضر واليابس وقد أبدل الاجتهاد خير أمة أخرجت للناس أمة متناحرة متقاتلة تسودها الفوضى وتحكم فيها القبلية وتنقلب من الإسلام إلى الجاهلية.
بعكس الشيعة الذين بقي عندهم باب الاجتهاد مفتوحا ما دامت النصوص قائمة ولا يمكن لأي أحد تبديلها وأعانهم على ذلك وجود الأئمة الاثني عشر الذين ورثوا علم جدهم فكانوا يقولون ليس هناك مسألة إلا ولله حكم فيها وقد بينه رسول الله صلى الله عليه وآله.
ونفهم أيضا أن أهل السنة والجماعة لما اقتدوا بالصحابة المجتهدين الذين منعوا كتابة السنة النبوية وجدوا أنفسهم مضطرين أمام غياب النصوص للاجتهاد بالرأي والقياس والاستصحاب وسد باب الذرائع إلى غير ذلك..