ولا بد من التنويه بأن رسول الله عندما أعطى للمؤلفة قلوبهم سهمهم الوارد في الآية المحكمة كان ينفذ أمرا إلهيا، ومخصصا أعطاه الله لفئة معينة وهم المؤلفة قلوبهم، وكان الإسلام عزيزا، ولم يكن بحاجة للمؤلفة قلوبهم ومن موازين عمر وتفكيره، فالإسلام كان عزيزا قبل أن يتولى أبو بكر وعمر الخليفة، فقد جاء نصر الله الفتح والرسول على قيد الحياة ومع هذا كان الرسول يعطيهم، لأن هذه ترتيبات (العليم الحكيم) ومحمد عبد مأمور يتبع ما يوحى إليه وما يؤمر به، ثم إن توزيع السهام بالطريقة الواردة في الآية المحكمة لا يعطي الخيرة للحاكم، فكل فئة من الفئات الثمانية تأخذ حقها شاء الحاكم أم أبى، لأن الحاكم يحكم بما أنزل الله وقد حدد تعالى على سبيل الحصر المستحقين للصدقات، فليس من حق عمر ولا غير عمر أن يحذف أي فئة أو يحرمها من حقها وسهمها الذي خصها الله تعالى به!! ثم إن الإسلام لم يأت ليدخل العرب وجيران العرب فيه إنما جاء إلى الجنس البشري كله ومهمة الإمام أن يعمل خلال عهده على هداية الجنس كله، منهم المؤلفة قلوبهم لا يتعلق بذات الأشخاص الذي عندهم عمر، والذي لم يعد بحاجة إليهم إنما هو يتعلق بالصفة ذاتها، فحالة التأليف بالمال لفئات معينة باقية إلى يوم القيامة وليست متعلقة بزمن من الأزمان من جهة ومن جهة ثانية فإن الرسول قد بين الآية وأعطى المؤلفة قلوبهم خلال عهده الخالد فصارت عملية إعطاؤهم سنة فعلية وليس من حق عمر ولا غير عمر أن يلغي سنة فعلية قد استقرت واضطر العمل بها!!! ولو عاش عمر لسنة قابلة واكتشف الآثار المدمرة المترتبة على إلغاء سنن الرسول الفعلية واستبدالها بآرائه الشخصية لقال مثلما قال يوم ألغى سنة (التسوية في العطاء) (لفعلت كما فعل رسول الله. راجع مراجع التسوية!! راجع تفسير القرطبي ج 8 ص 179 = 18
(٤١٨)