المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٣١١
وبفتح وباستسلام هوازن والطائف، سقطت آخر حصون المقاومة، للنبوة والدين، وأخذت قبائل العرب تتوافد على النبي لتعلن قبولها بولايته واعتناقها لدينه، حتى سمي عام الفتح بعام الوفود، كان محمدا يبحث عن الناس، والناس الآن يبحثون عن محمد كان محمد يركض خلفهم وصار العرب يركضون لمحمد، وأخذ جباته يتحركون بين القبائل ويجبون الأموال، ليوزعها محمد على الوجه الشرعي، وباختصار فإنك لا تجد إلا مسلما أو متظاهرا بالإسلام ومواليا للنبي أو متظاهرا بالولاء، لقد أصبحت الجزيرة دولة إسلامية واحدة قامت لأول مرة في التاريخ، وحدها النبي خلال مدة لا تتجاوز العشر سنين، ونالت شرف رئاسة النبي لهذه الدولة. فأعظم مظاهر وحدتها كانت رئاسة النبي المباركة فقد والته كل العرب أو تظاهرت بموالاته بدون إكراه، ودخلت في دينه أو تظاهرت بالدخول في دينه وبدون إكراه أيضا. لقد أصبح محمد نظام وحدة العرب، ونظام وحدة الدولة، ونظام وحدة القانون لقد اختلط محمد بالدين، واختلط الدين بمحمد فهما وجهان لعملة واحدة.
فلو قمت بكل واجباتك الدينية من صلاة وصيام وحج وقراءة قرآن وصدقة وقيام ليل، ولكنك لا توالي محمدا فأنت كافر بلا خلاف بمعنى أن الرئاسة اختلطت بالدين، فإذا أمكن الفصل بين الرئيس وبين الدين عندئذ تتحول الدولة إلى دولة غير إسلامية وتصبح ملكا، لقد صار الرئيس بمثابة خيط سبحة إذا قطع الخيط تبعثرت حبات السبحة.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»