المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٥٨
رسول الله ينقذ البطون من حيرتها ويجرها إلى مائدة المفاوضات علاوة على أن محمدا نبي، فهو عبقري، وقائد سياسي لا مثيل له والجزء الأهم في العملية السياسية إطلاقا أن توجه الفعل أو سلسلة الأفعال السياسية إلى الخصم، وترقب بدقة ردود فعله عليها ومقدار قربه أو بعده مما تريده. لقد تيقن النبي من أن بطون قريش قد أفلست تماما، واقتنعت أن استئصال محمد مستحيل وهزيمته عسكريا هزيمة ساحقة مستحيلة، وأنه لم تعد لها القدرة على الاستمرار بحالة التأهب القصوى والاستنفار العام ولم تعد لها القدرة على تحمل حالة الحصار المفروضة عليها، وأن العرب لن يقدموا لبطون قريش أكثر مما قدموا، وأنها قد أدركت بأن كفة محمد قد رجحت تماما وأن المستقبل له، وتيقن النبي أن بطون قريش حائرة في أمرها، وأنها تبحث جديا عن مخرج من ورطتها وعن سبيل يحفظ لها شرفها وما تبقى من كبريائها. ويرتب أمورها مع محمد بشكل يزيل حالة التوتر الدائم بينها وبينه. فصمم النبي على مساعدتها وإخراجها من حيرتها وجرها باللطف إلى مائدة المفاوضات لإزالة التوتر الدائم بينه وبينها. وإشاعة الأمن في ربوع بيت الله الحرام قرار العمرة (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا..) البقرة آية 125 بيت الله الحرام في مكة مثابة للناس جميعا، وأمن لهم تقدسه كل قبائل العرب، وهي موقنة أنه بيت الله الحرام، وتزوره، وتحج البيت وهي على شركها وقد لمعت بطون قريش واشتهرت لأنهم جيران بيت الله الحرام، وحماته وسدنته، ولأنهم يكرمون زوار هذا البيت، فلم يصدف في تاريخ البيت الحرام، أن صد حاج أو راغب
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»