المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٥٦
فشعر العرب، بالحيرة، وشعرت بطون قريش بالإحباط واحتارت بأمر الرجل، وأحست بالألم والمرارة، ويئست منه تماما لقد فشلت البطون عسكريا بعد أن استنفذت كل خططها، واستعملت كل قواها ولم تقو على استئصال محمد أو القضاء عليه بل على العكس من ذلك، فكلما صادمته خرج من صدامها معه وهو أكثر قوة، والعرب أكثر تفهما له وإعجابا بأمره.
وفشلت البطون إعلاميا، فلم يعد يصدق أحد أن محمدا مجنون أو شاعر أو كاهن أو كاذب أو ساحر كما أشاع أعلام البطون، لقد أظهر محمد عبقرية قيادية تفوق التصور والتصديق الاعتراف بالوجود الواقعي لمحمد هو الحل لم يعد أمام بطون قريش سوى التسليم بالوجود الواقعي لمحمد والاعتراف بسيطرته الكاملة على طريق تجارتها إلى بلاد الشام وباستحالة تنفيذ شعارها (استئصال محمد من الوجود والقضاء عليه) لكنها لا تعرف كيف تعبر عن قبولها بهذه الحقائق دون تخدش كبريائها المتغطرس؟ لقد أكلت الحرب مع محمد أموالها، مثلما أكلت خيرة أبنائها، ولم يعد لها القدرة على البقاء في حالة استنفار عسكري دائم، ولم تعد لها القدرة على مواجهة الحصار، فما من قافلة تجارية من قوافلها إلا
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»