المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢١٠
اقتنعت زعامة بطون قريش رحلتها الصيفية إلى بلاد الشام أصبحت في خطر وتحت رحمة محمد، فالعقل والمنطق يفرضان عليها أن تتعارض مع محمد لرفع الخطر عن طرق تجارتها إلى بلاد الشام، ومحمد لا يطمع بالكثير، فهو يريد أن تعترف به بطون قريش كما تعترف بغيره، وأن يخلي بينه وبين العرب كما خلت بين غيره وبين العرب، ومحمد أولى بذلك للرحم والقربى، وبالمقابل فإن محمدا بن يعترض طرق تجارتها إلى بلاد الشام. هذا هو أسهل الحلول لتجنب استمرار حالة المواجهة بينها وبين محمد، ولكن الحسد أعمى بصائر زعامة بطون قريش وحقدها على محمد وبني هاشم عطل عقلها تماما، وسلبها القدرة على التخطيط السليم، فبطون قريش لا تريد أن تعترف بأن موازين القوى قد اختلت، وبوقت يطول أو يقصر، وشاءت قريش أم أبت سيصبح محمد سيد العرب وزعيمهم بغير منازع.
إشارات من النبي إلى بطون قريش خلال ستة أشهر استطاع النبي أن يرتب الأوضاع الداخلية في يثرب وأن يحدد مسارب الأمور ومسالكها الشرعية، وأن ينتزع وبالرضا إقرار سكان يثرب وما حولها بمسارب الشرعية ومسالكها، فكل جماعة من الجماعات التي يتألف منها المجتمع اليثربي ترى أن موالاة محمد والقبول به حكما وحاكما ومرجعا هي الشرعية، وأن معاداته ورفض حكمه وتحكيمه ومرجعيته هي الخروج الصارخ على الشرعية وهذا قمة ما يطلبه الحاكم من رعيته، والمجتمع اليثربي قد وافق بالإجماع على أن بطون قريش هي عدوة الجميع لا تجار، ولا يجوز الصلح المنفرد معها، ولا يحال بين مؤمن، وبين مال أو نفوس
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»