المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٠٩
تعرف قلبه الكبير، ونفسه العالية، فلا خوف من عقابه لها على عذابها ولآله ولمن اتبعه، قبل هجرتهم إلى يثرب، وبالتالي فليس كثيرا عليها أن تجيب مطلبه هذا، فاليهود يستقطبون الناس لدينهم ولا تعترضهم بطون قريش، والنصارى يفعلون ذلك، وعبدة الأصنام يتمتعون بذات الحقوق، وبطون قريش لا تعترضهم، ولا تضع أمامهم أي عائق، وتخلي بينهم جميعا وبين العرب، فلماذا لا تعامل ابنها محمدا كما تعامل غيره ولماذا لا تخلي بينه وبين العرب، كما خلت بين أصحاب الديانات وبين العرب؟ ولكن قريشا رفضت مطلب محمد رفضا مطلقا، وتصر على ملاحقتها له وعلى إجهاض دينه، وإبطال نبوته والقضاء عليه إن استطاعت لأنها مسكونة بالحسد لمحمد ولأهل بيت محمد!!!
أهون الطرق لتجنب المواجهة المسلحة يتوجب على بطون قريش أن تخلي بين محمد وبين العرب، وأن تتوقف عن استغلال نفوذها للحيلولة بينه وبين العرب، وأن تمتنع عن دعاياتها الكاذبة واختلاقاتها الظالمة ضده وضد دينه، مستغلة قدوم العرب لحج البيت أو لأداء العمرة، فمحمد مشفق وناصح لخلق الله ويكره سفك الدم وقتل النفس التي حرم الله فما هي الطريقة المثلى التي تحقق مطلبه بدون سفك الدم وبدون قتال؟. مكة التي تسكنها بطون قريش (واد غير ذي زرع) وحياة سكانها تعتمد بالدرجة الأولى على التجارة فهي عصب الحياة في مكة والتجارة تقوم على رحلة الشتاء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى بلاد الشام، فإذا
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»