والكاذبون يتظاهرون بحماية الدعوة والداعية، ويحلفون أغلظ الإيمان بأنهم مع الله ومع رسولهم، ولا يجرؤ أحد منهم أن يظهر غير ذلك، ولم يعد الذين اتبعوا محمدا ضعفاء يخافون أن يتخطفهم الناس إنما صارت لهم دولة تحميهم ويحمونها وصار لهم وطن يأويهم ويدافعون عنه.
وباختصار صارت للمسلمين دولة حقيقية برئاسة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتغيرت موازين القوى تماما مطلب النبي من بطون قريش للنبي مطلب واحد وهو أن تخلي بطون قريش بينه وبين العرب، وأن تتوقف عن استغلال نفوذها الأدبي عند العرب لصدهم عنه، وأن تتوقف عن دعاياتها الكاذبة ضده وضد دينه، وأن تعترف بوجوده وبحقه باستقطاب الناس حوله وحول دعوته،. ولقد عبر عن هذا المطلب عتبة بن ربيعة الأموي حيث خاطب زعامة البطون قبل نشوب القتال في بدر قائلا (....
فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم وإن كان غير ذلك ألفاكم) راجع تاريخ الطبري المجلد الأول ج 2 ص 279 طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت وبهذا المعنى صرح كما ذكر الواقدي في المغازي ج 1 ص 63 طبعة مؤسسة الأعلى ومحمد لا يكره أحدا على الدخول في دينه، ودين محمد لا يبيح الاكراه وهو قائم على القناعة، فجزء كبير من شعب المدينة وما حولها، ما زال على دين اليهودية، ومع هذا يعيشون بسلام مع المسلمين، وزعامة بطون قريش على علم بذلك، وعلى علم بما يطلبه النبي منها، وهي