المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٩٩
طبيعة شعب المدينة المنورة وما حولها لكي نفهم التشريعات التي وضعها رسول الله لترتيب وتنظيم الأوضاع الداخلية لشعب المدينة المنورة وما حولها لا بد من فهم طبيعة تركيبة هذا الشعب الذي وجد النبي نفسه عمليا قائدا له، وهذه التركيبة في غاية التعقيد والتشابك، بحيث يتعذر على أي رجل في العالم أن ينجح في قيادة هكذا شعب، أو أن يخلق بين أفراده وجماعاته حالة من الانسجام والتوافق تؤهلهم لئن يكونوا طرفا موفقا بأية مواجهة جدية.
فشعب المدينة وما حولها يتكون من مجموعة من البطون القبلية المتميزة تماما عن بعضها، الحريصة على وجودها واستقلالها القبلي بالرغم من ارتباطها برابطة الدم والقرابة بإحدى القبيلتين الأعظم الأوس والخزرج، وهذه البطون مسكونة بهواجس التنافس والتحاسد والتكاره، أما بقية شعب المدينة فهم بطون أو عائلات يهودية استقرت في المدينة بعد طول ترحال، ولم يفارقها الاحساس بالغربة، ولا الشعور بأنها عنصر أجنبي رغم طول الإقامة، وكثرة الثروة وتشابك المصالح وقد نشأت بين هذه التجمعات القبلية المتنافرة تحالفات بين بعض البطون والبعض الآخر، أو بين بعض هذه البطون وبعض العائلات اليهودية فرضتها حاجات واقعية وجاء الإسلام إلى المدينة واعتنقت كل بطون قبيلتي الأوس والخزرج الإسلام أو تظاهرت
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»