وعذاب الاستدراج في الحياة الدنيا أبوابه مفتوحة، يدخل فيها الحاضر إذا أخذ بأسباب الانحراف من الماضي، وإذا انطلق الحاضر إلى المستقبل ولم تحدثه نفسه بتوبة، انتهت به خطاه إلى المسيح الدجال، وفي دائرة الدجال تنال جميع رايات الانحراف والشذوذ عذاب الخزي، ويقطع الله دابرهم بعذاب الاستئصال. والنبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بأن جميع الأنبياء حذروا أممهم من الدجال، وقال: (إن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال) (1)، وحذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الدجال ومن كل عمل ينتهي إليه، ومن ذلك قوله:
(وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة الدجال) (2).
وطريق الدجال يبدأ بانحراف دقيق عند البداية، ثم يتسع شيئا فشيئا على امتداد المسيرة، وفي مناطق الاتساع ترفع للشذوذ رايات بعد أن ألفه الناس وهذه الرايات بينها النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخبر بأشراط الساعة، ومن ذلك قوله: (من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا) (3)، وقال: (إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج، والهرج القتل) (4)، فهذه العلامات تظهر على طريق الفتن والانحراف، وبينها النبي الخاتم ليراجع الناس أنفسهم على امتداد المسيرة، ويشهدوا له بالنبوة بعد أن رأوا أحداثا أخبر بها يوم أن كانت غيبا، فالأحداث في عالم المشاهدة المنظور دعوة للتوبة، وتحذير من العقاب الذي يؤدي إليه الاستدراج.
وآخر الزمان يقف تحت أعلام الدجال جميع المسيرات التي انحرفت عن ميثاق الفطرة وأشركت بالله، ويقف تحتها صناع الفتن وأصحاب الأهواء وتجار الشذوذ وجلادو الشعوب، وجميع الذين ظلموا وصدوا عن سبيل الله العزيز