والخلاصة: مهدت كل دائرة للأخرى في عالم القص والشعر. فالدائرة التي فيها أمير مهدت للدائرة التي فيها أمير للمؤمنين (!) ومن دائرة أمير المؤمنين كانت أعلام الضياع. وهكذا أمير عينه على الشام وآخر عينه على مصر وأمير عينه على كأس. وينتهي الأمر بكارثة. هيمن فيها على الساحة خلف يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم. القرآن في واد وهم في واد آخر. وتسير الجموع في طريق اللاهدف. دليلها أمير يريد كرسي وبيده شعارا إسلاميا ضاع منه الشعور. وإذا كانت هناك إضافة لهذا الضياع الذي بدأ هادئا وانتهى - بكارثة. فإننا نضيف شيئا مهما آخر قد ضاع بعد وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في عهد بني أمية. وهذا الشئ هو الصلاة.
فلقد روى البخاري عن الزهري أنه قال: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي. فقلت: ما يبكيك؟ فقال: لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة. وهذه الصلاة قد ضيعت (65) إن أنس لا يعرف حوله أي مظهر من المظاهر التي كانت على حياة رسول الله. إلا الصلاة. وهذه الصلاة قد ضيعت. وما ضاعت الصلاة في نهاية الطريق إلا عندما ضاع الحكم في أول الطريق وهذا هو الدليل. أخرج أحمد والطبراني والحاكم وصححه عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله (ص) قال: (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة. فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها. أولهن نقضا الحكم وآخرهن ا لصلاة، (66).
ثانيا: العواصف:
ا - قتل عثمان:
في عهد عثمان بحث ولاة البيت الأموي عن الذهب والمتعة في كل مكان.
وفي نهاية عهد عثمان تعرضت الدولة لانتفاضتين سببهما واحد. ظلم الولاة.
الانتفاضة الأولى: مرت بهدوء ولكنها ألقت بظلالها على الثانية.