الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٦٧
وبعد الجمل قال واحد من الناس لأمير المؤمنين لما أظفره الله بأصحاب الجمل: وددت أن أخي فلانا كان شاهدنا. ليرى ما نصرك الله به على أعدائك.
فقال له عليه السلام: أهوى أخيك معنا؟ قال: نعم قال: فقد شهدنا. ولقد شهدنا في عسكرنا هذا أقوام في أصلاب الرجال وأرحام النساء. سيرعف بهم الزمان ويقوى بهم الإيمان (105).
لقد كان لموقعة الجمل أسبابا كثيرة في دوائر كثيرة قد تكون دوائر الحسد وقد تكون دوائر الطمع في الكرسي وقد تكون الطمع في المال. وقد تكون لا هذا ولا ذاك. وتكون الموقعة ضمن المخطط العام لبني أمية للسيطرة على جميع خزائن المال في الدولة. وإشارة ذلك أن مروان ابن طريد رسول الله الحكم.
كان في معسكر عائشة ضد علي. لكن قلبه لم يكن مع عائشة. وكان يعمل أعمال الطابور الخامس داخل صفوف الجمل. روى البغوي بسند صحيح عن أبي سبرة. قال. لما كان يوم الجمل. نظر مروان إلى طلحة فقال: لا أطلب ثأري بعد اليوم. فنزع له بسهم فقتله وروي بسند صحيح عنه أنه قال: رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم. فوقع في عين ركبته. فما زال الدم يسبح إلى أن مات (106) وقتل مروان لطلحة مشهور وصرحت به جميع المصادر التي تعتني بهذه الأمور. فمروان كان عضوا أصيلا في حركة هدامة تصنع الحدث وتراقبه. وتستأصل في الأحداث كل من يمثل لهم عقبة من العقبات.
والدليل على أن حركة الهدم تراقب الأحداث. ما ذكره ابن كثير قال. قام عمر بن العامر في الناس فقال. إن صناديد الكوفة والبصرة قد تقاتلوا يوم الجمل. ولم يبق مع علي إلا شرذمة قليلة من الناس. وقد قتل الخليفة أمير المؤمنين عثمان.
فالله الله في حقكم أن تضيعوه (107). قال ذلك عندما هرول إلى معاوية وعقد معه صفقة. أن يساند معاوية في حربه ضد علي نظير أن يعطيه معاوية مصر طيلة حياته. وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن الزهري. لما بلغ معاوية غلبة

(105) النهج الخطبة 12.
(106) الإصابة: 292 / 3.
(107) البداية: 255 / 7.
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»
الفهرست