مثل قوم يأتون بعدكم. يعطى الرجل منهم ما يكفي القبيلة أو الأمة ثم لا يشبع " (68). ومعاوية قال فيه رسول الله (لا أشبع الله له بطنا) وهذا ثابت في كتب الحديث.
إن عدم حركة بني أمية أثناء الحصار وعدم محاكمة قتلة عثمان بعد أن تولى معاوية خلافة المسلمين التي تاجر على أول أعتابها بقميص عثمان. هي من معالم الفئة الباغية التي لا ينكرها أحد. لقد كان السكون يدب في أرجاء المدينة. ولم يكن في بيت عثمان للدفاع عنه سوى قلة من الرجال من بينهم الحسن والحسين. جاؤوا لعلمهم بما سيحدث وفقا لأخبار الرسول بما سيجري بعده. ففي الحديث عن يزيد ابن مريم عن أبيه قال. (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم حدثنا ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة " (69) وعن حذيفة قال:
" قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فلم يدع شيئا إلا ذكره إلى أن تقوم الساعة. عقله من عقله ونسيه من نسيه) فالحسنين كانت دائرة الذهن عندهم تراقب الأحداث. فجاؤوا ليقيموا الحجة بأنهم ليسوا طرفا في طبخ الفتنة. ولأن الفتنة واقعة لا محالة لأنها ثمرة لطريق طويل. وقف الحسن والحسين في مربع المقتول وليس القاتل. والوقوف في مربع المقتول ليس شهادة للمقتول. وإنما لأن مربع القاتل في دائرته أصابع خفية ستحكم وعندما تحكم ستذيق أمة محمد الذل ألوانا. وعن علي بن أبي طالب أنه قال عن صناع الفتن: (ما من ثلاثمائة تخرج إلا ولو شئت سميت سائقها وناعقها إلى يوم القيامة " (70) فحركت الأحداث عند أمير المؤمنين وأولاده معروفة لأن الرسول أخبر بأسماء رؤوس الهدم على امتداد التاريخ فعن حذيفة أنه قال: " والله ما أدري أنسي أصحابي أم تناسوا.
والله ما ترك رسول الله من قائد فتنة إلى أن تنقضي الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدا. إلا وقد سماه لنا. باسمه وسم أبيه واسم قبيلته " (71). فحركة الإمام علي والحسنين حركة على بصيرة بالأحداث. لذا وقفوا في مربع المقتول ليقيموا