الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٤٤٢
حملك على أن تلي أمر الناس وقد نهيتني أن أتأمر على اثنين؟ قال: لم أجد من ذلك بدا. خشيت على أمة محمد صلى الله عليه وسلم الفرقة (17).
فقد تكون البداية أن دوائر النفاق داخل البيت الإسلامي قد لوجت بقبضتها فكان ما كان ولكن الذي يقف في أول الطريق لا يرى إلا أول الطريق أو وسطه وأما نهاية الطريق فإنها لا ترى إلا بعد أن تجئ. ونهاية الطريق كانت بكل المقاييس مأساة لا ينكرها باحث منصف لقد تقاتلت القبائل والطوائف وقامت بتصفية حساباتها على حساب الإسلام. وأصبح كرسي الحكم غاية وهدف لغلمان قريش وسفهائها. بل أصبح فيما بعد كعجل بني إسرائيل حوله المستفيد منه والخائف من عضبة.
2 - الحفائر:
في عصر عمر بن الخطاب طفح على السطح فريق يذهب إلى المساجد بوجهه ويطلب الإمارة بقلبه. (منهم): المغيرة بن شعبة. ذكر البغوي وابن شاهين أن المغيرة قال: أنا أول من رشا في الإسلام جئت إلى حاجب عمر وكنت أجالسه. فقلت له: خذ هذه العمامة فالبسها. فكان يأنس بي ويأذن لي أن أجلس من داخل الباب. فكنت أجلس في القائلة. فيمر المار فيقول: إن للمغيرة عند عمر منزلة إنه ليدخل عليه في ساعة لا يدخل فيها أحدا (18).
واستعمل عمر المغيرة على البحرين فكرهوه وشكوا منه فعزله. ثم ولاه البصرة.
ثم عزله لما شهد عليه أبو بكرة بالزنا ثم ولاه الكوفة. وأقره عثمان ثم عزله وبعد قتل عثمان حضر مع الحكمين. ثم بايع معاوية فولاه الكوفة. والمغيرة الذي اعتبر نفسه أول من رشا في الإسلام. اعتبره التاريخ أول من وضع بذرة الحكم الملكي في الإسلام. وذلك عندما علم أن معاوية سيعزله أشار إليه بتنصيب ابنه يزيد من بعده. فلم يعزله معاوية وطلب منه أن يعد العدة لذلك.
(ومنهم): معاوية بن أبي سفيان ولاه عمر الشام وأقره عثمان. ثم استمر فلم يبايع عليا بعد قتل عثمان. ثم حاربه واستقل بالشام ثم أضاف إليها مصر ثم

(17) تاريخ الخلفاء /. السيوطي: 66.
(18) الإصابة: 132 / 6.
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»
الفهرست