قال: فمضيت إلى الحبس لأخرجه، فلما رآني موسى وثب إلى قائما، وظن أني قد أمرت فيه بمكروه فقلت: لا تخف، وقد أمرني أمير المؤمنين بإطلاقك، وأن أدفع إليك ثلاثين ألف درهم، وهو يقول لك: إن أحببت المقام قبلنا فلك ما تحب، وإن أحببت الانصراف إلى المدينة، فالأمر في ذلك مطلق إليك، وأعطيته الثلاثين ألف درهم، وخليت سبيله.
قلت: لقد رأيت في أمرك عجبا.
قال: فإني أخبرك، بينما أنا نائم، إذ أتاني النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: يا موسى، حسبت مظلوما، فقل هذه الكلمات، فإنك لا تبيت هذه الليلة في الحبس.
فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ فقال: قل: " يا سامع كل صوت، ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحما، ومنشرها بعد الموت، أسألك بأسمائك الحسنى، وباسمك الأعظم الأكبر، المخزون المكنون، الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليما ذا أناة، لا يقوى على أناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، ولا يحصى عددا، فرج عني "، فكان ما ترى (1).
وروي أن " علي بن يقطين " كان مقربا عند هارون الرشيد، يثق به، وينتدبه إلى ما أهمه من الأمور، وكان " ابن يقطين " يكتم التشيع، والولاء لأهل البيت، عليهم السلام، ويظهر الطاعة للرشيد، وفي ذات يوم أهدى الرشيد إلى " ابن يقطين " ثيابا أكرمه بها، وكان في جملتها دراعة خز سوداء، من لباس الملوك، مثقلة بالذهب.
فأرسل " ابن يقطين " الثياب، ومعها الدراعة إلى الإمام موسى الكاظم، ومعها مبلغ من المال، ولما وصلت الهدية إلى الإمام قبل المال والثياب، ورد الدراعة إليه على يد رسول آخر، غير الذي جاء بالمال والثياب، وكتب الإمام