شديدا، فأتيت معروفا فقلت: أبا محفوظ، قال: ما تشاء؟ قلت: ابني محمد غاب، وجزعت عليه أمه جزعا شديدا، فادع الله أن يرده عليها، فقال: اللهم إن السماء سماؤك، والأرض أرضك، وما بينهما لك، فأت به، قال خليل: فأتيت باب الشام، فإذا ابني محمد قائم منبهر، قلت: محمد؟ قال: يا أبت كنت الساعة بالأنبار (1).
وعن محمد بن إسحاق قال سمعت محمد بن عمرو بن مكرم الثقة، يقول: حدثني أبو محمد الضرير - وكان جارا لمردويه الصائغ - قال: أرسل مردويه فأتيته فقال: إن ابني قد غاب عنا منذ أيام، وقد ضيقوا على النساء لما يبكين، فأخذ بنا إلى معروف، قال: فغدوت أنا وهو إلى معروف فسلم عليه - وهو في المسجد - فقال معروف: ما الذي جاء بك يا أبا بكر؟ قال: إن ابني قد غاب عنا منذ أيام، وقد ضيقوا على النساء لما يبكين، قال: معروف: يا عالما بكل شئ، ويا من لا يخفى عليه شئ، ويا من علمه محيط بكل شئ، أوضح لنا أمر هذا الغلام، ثلاث مرار، قال: ثم انصرفنا من عنده، قال: فلما أن أصبحت قبل صلاة الفجر، إذ رسول مردويه قد جاء يدعوني، فقلت: إيش الخبر؟ فقال: قد جاء الغلام، فجئت فإذا الغلام قاعد بين يدي مردويه، فقال لي: اسمع العجب، قال الغلام: كنت أمشي بالكوفة فأتاني نفسان فأخذا بيدي فأخرجاني من الكوفة، وقالا: امض إلى بيتكم، فلم أقعد، ولم آكل ولم أشرب، ومررت ببئر تسع - أو قال تسعي - ثم رأيتهما، فلم يتحركا حتى أتيتكم، فأطعموني، فإني ما أكلت شيئا حتى جئتكم (2).