هذا ومن المعروف أن المهاجرين قد احتجوا على الأنصار، بأن الإمامة في قريش، لأنهم أولياء النبي وعشيرته، وأحق الناس بالأمر من بعده، وكما قال لهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: إنه والله لا ترضى العرب أن تؤمركم، ونبيها من غيركم، وأن العرب لا تولي هذا الأمر، إلا من كانت النبوة فيهم، لا ينازعنا سلطان محمد وميراثه، ونحن أولياؤه وعشيرته، إلا مدل بباطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة، ولقد أخذ بهذا الرأي فيما بعد عامة أهل السنة.
هذا وقد نص الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (كتاب العلم) في شرح قوله صلى الله عليه وسلم، من كذب علي متعمدا "، فليتبوأ مقعده في النار، على أن حديث الأئمة من قريش متواتر، - كأحاديث المسح على الخفين ورفع اليدين في الصلاة، والحوض، ورؤية الله في الآخرة، ومن بنى لله مسجدا " وغيرها - ثم أفرد حديث الأئمة من قريش بجزء جمع فيه طرقه عن نحو أربعين صحابيا "، وقال في كتاب الأحكام من الفتح الباري (الجزء 13) ما نصه: وإلى اشتراط كون الإمام قرشيا "، ذهب جمهور أهل العلم. ثم قال: وقال عياض: اشترط كون الإمام قرشيا " مذهب العلماء كافة، وقد عدوها في مسائل الإجماع، ولم ينقل عن أحد من السلف فيها خلاف، وكذلك من بعدهم في جميع الأمطار، ولا اعتداد بقول الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة (1)، لما فيه من مخالفة المسلمين (2).