وعن أبي البختري قال: صحب سلمان، رضي الله تعالى عنه، رجل من بني عبس، قال: فشرب من دجلة شربة، فقال له سلمان: عد فاشرب، قال: قد رويت، قال: أترى شربتك هذه نقصت منها؟ قال: وما ينقص منها شربة شربتها، قال: كذلك العلم لا ينقص، فخذ من العلم ما ينفعك (1).
وعن حفص بن عمر السعدي عن عمه: قال سلمان لحذيفة: يا أخا بني عبس، إن العلم كثير، والعمر قصير، فخذ من العلم ما تحتاج إليه في أمر دينك، ودع ما سواه، فلا تعانه (2).
هذا وقد توفي سلمان عام 35 ه، في آخر خلافة عثمان، وقيل أول سنة 36 ه، وقيل توفي في خلافة عمر، والأول أكثر، وقال العباس بن يزيد:
قال أهل العلم: عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة، فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيه، ويقول ابن الأثير في الكامل في حوادث عام 36 ه: وفيها مات سلمان الفارسي في قول بعضهم، وقيل وكان قد أدرك بعض أصحاب المسيح عليه السلام، وقال أبو نعيم: كان سلمان من المعمرين، يقال إنه أدرك عيسى بن مريم، وقرأ الكتابين، والصحيح - فيما أرى - ما ذهب إليه ابن حجر العسقلاني من أنه ما زاد على الثمانين (3).
هذا وكان لسلمان مكانة خاصة عند الصحابة، وعند الإمام علي بالذات، وقد أشرنا من قبل إلى قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت، وقد استقرت هذه العبارة من الإمام علي في أذن واعية، حتى قال عنه: ذلك امرؤ منا وإلينا أهل البيت، ثم عامله إلى آخر العمر، كواحد عزيز عليه من أهل البيت، وظل يوده حتى آخر عمره.