قال: فلم أصبح جلس في مجلس كندة، فقال له رجل: يا أبا عبد الله كيف أصبحت؟ كيف رأيت أهلك؟ فسكت عنه، فعاد، فسكت عنه، ثم قال: ما بال أحدكم يسأل عن الشئ، قد وارته الأبواب والحيطان، إنما يكفي أحدكم أن يسأل عن الشئ، أجيب أو سكت عنه (1).
وعن عطاء بن السائب عن أبي البختري: أن جيشا " من جيوش المسلمين، كان أميرهم سلمان الفارسي، فحاصروا قصرا " من قصور فارس، فقالوا: يا أبا عبد الله، ألا ننهد إليهم؟ فقال: دعوني أدعوهم، كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم، فقال لهم: إنما أنا رجل منكم فارسي، أترون العرب تطيعني؟ فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلا دينكم تركناكم عليه، وأعطيتمونا الجزية عن يد وأنتم صاغرون - قال ورطن إليهم بالفارسية وأنتم غير محمودين - وإن أبيتم نابذناكم على سواء، فقالوا: ما نحن بالذي نؤمن، وما نحن بالذي نعطي الجزية، ولكنا نقاتلكم، قالوا: يا أبا عبد الله، ألا ننهد إليهم، قال: لا، فدعاهم ثلاثة أيام إلى مثل هذا، ثم قال:
إنهدوا إليهم، فنهدوا إليهم، قال: ففتحوا ذلك الحصن (2).
وعن أبي ليلى الكندي قال: أقبل سلمان في ثلاثة عشر راكبا " - أو اثني عشر راكبا " - من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلما حضرت الصلاة قالوا: تقدم يا أبا عبد الله، قال: إنا لا نؤمكم، ولا ننكح نساءكم، إن الله تعالى هدانا بكم، قال:
فتقدم رجل من القوم فصلى أربع ركعات، فلما سلم، قال سلمان: ما لنا وللمربعة، إنما كان يكفينا نصف المربعة، ونحن إلى الرخصة أحوج - قال عبد الرازق: يعني في السفر (3).