" الميت إنما هو من يموت، دون أن يجد رحمة من الله "، " فانظروا إذا الحياة الحاضرة التي هي موت، إذ لا شعور لها بالله (1) "!
(8) حسن الخلق:
يرى الغزالي أن الخلق عبارة عن هيئة النفس وصورتها الباطنة، وفي الباطن أربعة أركان لا بد من الحسن في جميعها، حتى يتم حسن الخلق، فإذا استوت واعتدلت وتناسبت، حصل حسن الخلق، وهذه الأركان، هي:
(1) قوة العلم: بأن تصير بحيث يسهل بها درك الفرق بين الصدق والكذب في الأقوال، وبين الحق والباطل في الاعتقادات، وبين الجميل والقبيح في الأفعال الاختيارية!
(2) قوة الغضب: بأن يصير انقباضها وانبساطها على ما تقتضيه الحكمة!
(3) قوة الشهوة: بتأدبها بتأديب العقل والشرع!
(4) قوة العدل: وهو حالة وقوة بها تسوس الغضب والشهوة، وتحملها على مقتضى الحكمة، وتضبطها في الاسترسال والانقباض على حسب مقتضاها (وضدها الجور)!
ويقول بعضهم إن الأخلاق (وهي الصورة الباطنة) لا يتصور تغييرها، كما أن الخلقة الظاهرة لا يقدر على تغييرها، وأنه محال قطع التفات القلب إلى الحظوظ العاجلة، ولكن الغزالي يستنكر هذا، ويقول: لو كانت الأخلاق لا تقبل التغيير، لبطلت الوصايا والمواعظ، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حسنوا أخلاقكم "، ويعزز استنكاره بإمكان تغيير خلق البهيمة، إذ يمكن نقل الفرس مثلا من الجماح إلى السلاسة والانقياد (فما بالك بالإنسان؟!)، ولكي يوضح لنا رأيه، يقسم الموجودات إلى ما وقع الفراغ من وجوده وكماله (وهذا لا مدخل للآدمي في اختياره، كأعضاء البدن)، وإلى ما وجد ناقصا وجعل فيه قوة لقبول الكمال، بعد أن وجد له شرط قد يرتبط باختيار العبد