الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٣٩٣
متحدة بالإنسان ومحفوظة على وفاق؟ مع أن الماء يطفئ النار، والتراب يهرب من الهواء، حتى أنه لا يقدر أحد أن يؤلف بينها! فإذا كنتم لا تفقهون هذا - بل إن كل البشر من حيث هم بشر لا يقدرون أن يفقهوه - فكيف يفقهون أن الله خلق الكون من لا شئ بكلمة واحدة؟! كيف يفقهون أزلية الله؟!
حقا لا يتاح لهم أبدا أن يفقهوا هذا، لأنه لما كان الإنسان محدودا، ويدخل في تركيبه الجسد، الذي هو كما يقول النبي سليمان قابل للفساد يضغط النفس - ولما كانت أعمال الله مناسبة لله، فكيف يمكن للإنسان إدراكها... لذلك يقول الله للطبيعة البشرية " كما تعلو السماء عن الأرض، هكذا تعلو طرقي عن طرقكم، وأفكاري عن أفكاركم (1) "!
" أرأيتم! كيف تتمرن الجنود في زمن السلم، بعضهم مع بعض، كأنهم يتحاربون! وكيف يتاح لمن لا يتعلم كيف يحسن الموت، أن يموت ميتة صالحة؟ قال النبي داود " ثمين في نظر الرب موت الطاهرين " (2)!
" ما الموت، سوى عمل تعمله الطبيعة بأمر الله "، " فمتى أراد الله وأمر الطبيعة أن تتفتح، انتهت الحياة، وانفلتت النفس إلى أيدي الملائكة، الذين عينهم الله لقبض النفوس "، " يقول الله: لعمري أنا الأبدي، إني أعطيت فأسا جيدة لكل إنسان، وهي منظر دفن الميت، فمن استعمل هذه الفأس جيدا، وأزالوا غاية الخطيئة من قلوبهم بدون ألم، فهم لذلك ينالون نعمتي وأجزيهم الحياة الأبدية بأعمالهم الصالحة (3) "!
" متى أراد أن يتبرز في الحكمة على من سواه في خوف الله، فليطالع كتاب القبر، لأنه هناك يجد التعليم الحقيقي لخلاصه، فإنه متى رأى أن جسد الإنسان يحفظ ليكون طعاما للديدان، تعلم أن يحذر العالم والجسد والحس (4) "

(1) راجع ص 258 و 259 من إنجيل برنابا.
(2) راجع ص 217 من إنجيل برنابا.
(3) راجع ص 290 و 293 من إنجيل برنابا.
(4) راجع ص 218 من إنجيل برنابا.
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»