الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٣٩٨
الدين الذي هو الحياة الأبدية (لأنه يستهدف للحسد وقصده بالإيذاء، وخوفه على الدوام على جاهه واحترازه من أن تتغير منزلته في القلوب المترددة بين الإقبال والإعراض، فضلا عن أنه إن سلم وصفا، فآخره الموت، ويفوت الكثير في الآخرة)، وأما من حيث العمل فبالاعتزال ومباشرة أفعال يلام عليها، فيفارقه الطمع ويأنس برد الخلق ويقنع بالقبول من الخالق (وهذا غير جائز لمن يقتدى به، وأما الذي لا يقتدى به، فله أن يفعل من المباحات ما يسقط قدره عند الناس)!
ويرى مثلا أن علاج الرياء بالعلم (بقطع الرغبة في الجاه، بأن يعلم ما فيه من المضرة، بما يحبط عليه من ثواب الأعمال والمنزلة عند الله وما يفوته من صلاح قلبه، وما يحرم منه في الحال من التوفيق، وما يتعرض له في الآخرة من العقاب العظيم، فيقبل على الله قلبه) وبالعمل (بأن يعود نفسه إخفاء العبادات، حتى يقنع قلبه بعلم الله واطلاعه على عباداته، ولا تتنازعه النفس إلى طلب غير الله)، فيشتغل بذكر الله، فإذا خطر الشيطان له - بمعرفة اطلاع الخلق أو رجاء اطلاعهم - تنبه له واشتغل بدفعه بما اعتقده، من أن ذم الناس لا يزيده شيئا ما لم يكتبه الله عليه، وأن الله تعالى هو المسخر للقلوب بالمنع والإعطاء!
ويقول الغزالي إنه يجب على التائب إذا جرى عليه ذنب، إما عن قصد وشهوة غالبة، أو عن إلمام بحكم الاتفاق، أن يتوب ويندم، فإن لم تساعده النفس على العزم على الترك لغلبة الشهوة، فلا ينبغي أن يترك الواجب الثاني، وهو أن يدرأ بالحسنة السيئة ويمحوها (بأن تكون الحسنة في محل السيئة فيما يتعلق بأسبابها)، إما بالقلب بالتضرع إلى الله في سؤال المغفرة والعفو وإضمار الخيرات والعزم على الطاعات، وإما باللسان بالاعتراف بالظلم والاستغفار، ليمحو الذنب أو يخففه (وخيره ما كان بالقلب لا باللسان فقط)، وإما بالجوارح بالصدقات وأنواع العبادات!
ويرى الغزالي عند كلامه عن الصبر، أنه هو والعلم علاج الإصرار،
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»