(ح) مراقبة الله في السماع والوجد:
يقول الغزالي إن الغناء سماع صوت طيب موزون، مفهوم المعنى، محرك للقلب، وهو حلال بالقياس (إذ يرجع إلى تلذذ حاسة، بإدراك ما هو مخصوص به) وبالنص (إذ امتن الله تعالى على عباده به بقوله " يزيد في الخلق ما يشاء "، ومنه الصوت الحسن، ويدل بمفهومه على مدح الصوت الحسن قوله " إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " والوزن وراء الحسن).
ويقول إنه يحرم السماع بخمسة عوارض: أن يكون المسمع امرأة لا يحل النظر إليها، وتخشى الفتنة من سماعها (وفي معناها الصبي الأمرد الذي تخشى فتنته)، وأن تكون الآلة من شعار أهل الشرب أو المخنثين (وهي المزامير والأوتار وطبل الكوبة)، وأن يكون في نظم الصوت وهو الشعر، شئ من الخنا والفحش، وهجو غير الكفار وأهل البدع، أو الكذب على الله ورسوله (وكذلك ما فيه وصف امرأة بعينها)، وأن تكون الشهوة غالبة على المستمع، وكان في غرة الشباب، وأن يتخذه دينه، ويقصر عليه أكثر أوقاته (1) "!
* * * وجاء في إنجيل برنابا " إنه يجب على الإنسان أن يبكي على الخطيئة فقط، لأنه بالخطيئة يترك الإنسان خالقه، ولكن كيف يبكي من يحضر مجالس الطرب والولائم؟ إنه يبكي كما يعطي الثلج نارا! فعليكم أن تحولوا مجالس الطرب إلى صوم، إذا أحببتم أن يكون لكم سلطة على حواسكم (2) "!
(ط) مراقبة الله في التوبة:
ويقول الغزالي إن التوبة عبارة عن معنى ينتظم ويلتئم، من ثلاثة أمور مرتبة:
(1) أولها العلم، وهو معرفة عظم ضرر الذنوب، وكونها حجابا بين العبد وبين كل محبوب!