(ز) مراقبة الله في المعاشرة والألفة والصحبة:
إن من المقاصد الدينية والدنيوية، ما يستفاد بالاستعانة بالغير، ولا يحصل ذلك إلا بالمخالطة، وذكر الغزالي لذلك سبع فوائد نجمعها فيما يلي:
التعليم والتعلم، والنفع، والانتفاع، والتجارب والممارسة، والتأديب والتأدب، ونيل الثواب وإنالته، والتواضع، والاستئناس والإيناس!
ولكن مع ذلك يرى للعزلة ست فوائد خلاصتها: التفرغ للعبادة، إذ قال الله تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "، (ويدخل فيها الفكر والاستئناس بمناجاته، والاشتغال باكتشاف أسراره في أمر الدنيا والآخرة) والتخلص بالعزلة عن المعاصي التي يتعرض الإنسان لها غالبا، والخلاص من شر الناس، وأن ينقطع طمعهم عنك، وينقطع طمعك عنهم، والخلاص من مشاهدة الثقلاء والحمقى وأخلاقهم!
ولكن الغزالي مع هذا، يقول إن " الحكم على العزلة مطلقا بالتفضيل نفيا وإثباتا خطأ، بل ينبغي أن ينظر إلى الشخص وحاله، وإلى الخليط وحاله، وإلى الباعث على مخالطته، وإلى الفائت بسبب مخالطته، ويقاس الفائت بالحاصل، فعند ذلك يتبين الحق ويتضح الأفضل، ولذلك يجب الاعتدال في المخالطة والعزلة (1) "!
وكذلك يسئ المعاشرة مع الناس، الكبر والغضب والحقد والحسد، وقد خلق الله طبيعة الغضب من النار، وغرزها في الإنسان، إذا صد عن غرض من أغراضه!
ويقسم الغزالي الناس في قوة الغضب على درجات ثلاث: التفريط بفقد هذه القوة أو ضعفها (وذلك مذموم)، والإفراط في الغضب (وهو أن يغلب حتى يخرج عن طاعة العقل والدين)، وغضب محمود ينبعث حيث تجب الحمية، وينطفئ حيث يحسن الحلم.
وأسباب الكبر الظاهر هي: العجب والحقد والحسد.