فكبيرة، وإلا فعظيمة، حسب الضرر الذي يتولد منه من هلاك نفس أو مرض أو غيره! وأما الفرار من الزحف وعقوق الوالدين، فهذا أيضا ينبغي أن يكون من حيث القياس في محل التوقف (وجملة عقوق الوالدين، أن يقسما عليه في حق فلا يبر قسمهما، وإن سألاه حاجة فلا يعطيهما، أو يسباه فيضربهما، ويجوعان فلا يطعمهما)!
ويقول الغزالي إن الكبير والصغير من المضافات، وما من ذنب إلا وهو كبير بالإضافة إلى ما دونه، وصغير بالإضافة إلى ما فوقه (فالمضاجعة مع الأجنبية مثلا أي إصابتها بكل شئ إلا المسيس، كبيرة بالإضافة إلى النظرة، صغيرة بالإضافة إلى الزنا)، ويرى مع هذا، أن الصغيرة تكبر بأسباب، منها:
(1) الإصرار والمواظبة، إذ تؤدي إلى الكبيرة (كالمراودة والمقدمات في الزنا، والمشاحنة السابقة والمعاداة في القتل).
(2) استصغار الذنب: لأنه كلما استعظمه من نفسه، صغر عند الله تعالى وكلما استصغره، كبر عند الله، لأن استعظامه يصدر عن نفور القلب عنه، وذلك يمنع من شدة تأثره به، واستصغاره يصدر عن الإلف به.
(3) والسرور بالصغيرة والتبجح بها، واعتداد التمكن من ذلك نعمة والغفلة عن كونه سبب الشقاوة.
(4) والتهاون بستر الله عليه وحلمه عنه وإمهاله إياه.
(5) وإتيانه الذنب وإظهاره، بأن يذكره بعد إتيانه، أو يأتيه في مشهد غيره، لأن ذلك تحريك لرغبة الشر فيمن أسمعه ذنبه وأشهده فعله، ويتفاحش الأمر إذا رغب الغير فيه، وحمله عليه وهيأ أسبابه له.
(6) وكذلك يكبر الذنب، فلا تكفره الصلوات الخمس، إذا كان عالما يقتدى به، وفعله بحيث يرى ذلك منه.
وشروط صحة التوبة فيما يتعلق بالماضي، أن يرد فكره إلى أول يوم بلغ فيه بالسن أو الاحتلام، ويفتش فيه عما مضى من عمره يوما يوما، وينظر إلى الطاعات ما الذي قصر فيه منها فيؤديها، وإلى المعاصي ما الذي قارفه منها، فينظر فيها، فما كان من ذلك بينه وبين الله تعالى، من حيث لا يتعلق بمظلمة العباد،