بمسكنة حقيقية من القلب، لمباركون ثلاثة أضعاف وأربعة أضعاف، لأنهم يكونون خالين في هذا العالم من المشاغل العالمية، فتمحى عنهم لذلك خطايا كثيرة، ولا يضطرون في ذلك اليوم (أي يوم الدينونة) أن يقدموا حسابا، كيف صرفوا الغنى العالمي، بل يجزون لصبرهم ومسكنتهم (1) "!
" طوبى للمساكين الذين يعرضون حقا عن ملاذ العالم، لأنهم سيتنعمون بملاذ ملكوت الله! طوبى للذين يأكلون على مائدة الله، لأن الملائكة ستقوم على خدمتهم! أنتم مسافرون كسياح، أيتخذ السائح لنفسه على الطريق قصورا وحقولا وغيرها من حطام العالم؟ كلا ثم كلا! ولكنه يحمل أشياء خفيفة ذات فائدة وجدوى في الطريق "، " لا تثقلوا قلوبكم بالرغائب العالمية، قائلين من يكسونا أو من يطعمنا، بل انظروا الزهور والأشجار مع الطيور التي كساها وغذاها الله ربنا بمجد أعظم من مجد سليمان، والله الذي خلقكم ودعاكم إلى خدمته، هو قادر أن يغذيكم "، " عظيمة هي النعم التي أنعم بها الله علينا، فترتب علينا من ثم أن نعبده بإخلاص قلب "، " اعبدوا الله، واحتقروا العالم " " كما أنه لا يتأتى للإنسان أن ينظر بعينه إلى السماء والأرض معا، فذلك يستحيل عليه، أن يحب الله والعالم (2) "!
" فإذا كان الله يحتمل العالم بصبر، فلماذا تحزنون أنتم يا تراب وطين الأرض، فبصبركم تملكون أنفسكم، فإذا لطمكم أحد على خد، فحولوا له الآخر ليلطمه، لا تجازوا شرا بشر، لأن ذلك ما تفعله شر الحيوانات كلها، ولكن جازوا الشر بالخير، وصلوا لله لأجل الذين يبغضونكم، النار لا تطفأ بالنار بل بالماء، لذلك أقول لكم، لا تغلبوا الشر بالشر بل بالخير، انظروا الله الذي جعل شمسه تطلع على الصالحين والطالحين، وكذلك المطر، فكذلك يجب عليكم أن تفعلوا خيرا مع الجميع، لأنه مكتوب في الناموس: كونوا قديسين، لأني أنا إلهكم قدوس، كونوا أنقياء، لأني أنا نقي، وكونوا كاملين، لأني أنا كامل (3) "!