النعيم، وبقدر معرفته سبحانه ستكون اللذة (1).
ولعل الذين ينكرون هذه الفكرة يفهمون قول المناوي: إنه على من أراد أن ينع عن عالم الحسن ويرجع إلى ذاته، أن يعمل على ركود حواسه الظاهرة، ليقوى على أن يحسن بما لا يقع عليه الحس "! فإذا فهموا معنا أن النفس الإنسانية كما قال الغزالي " ليست جسما، ولا قوة جسمانية في المادة، بل هي جوهر مجرد متصرف في البدن، تصرف التدبير، من غير أن تكون داخلة فيه بالجزئية والحلول " استطاعوا أن يعرجوا إلى العالم العلوي (إذا سما جوهرهم)، وأن يسموا إلى درجة الخروج عن البدن، كأنهم مجردون لا أبدان لهم، فيروا أنفسهم داخلين في ذواتهم، خارجين عن سائر الأشياء، ويروا في نفوسهم المتجردة من أثقال البدن، أنواعا من الحسن والبهاء، ما تعجب وتريهم أنهم من الجوهر الأعلا الأفضل الشريف، وأنهم ذوو حياة فعالة كما قال العلامة مسعود التفتازاني، فيفهمون مع الصوفيين أن كل المخلوقات بأسرها مظاهر صفات الله وطريق إلى القرب منه، وزيادة معرفته!
فالصور الجميلة الآدمية، موصلة إلى معرفة معانيها، وما معانيها إلا إدراك قدرة الله تعالى وعظيم شأنه وجليل جماله، فإذا ناجى المخلوق صورة آدمية جميلة، فهو لا يناجيها هي بالذات، وإنما يناجي خالقها البادي جماله ومظاهر قوته في معانيها، ولذا تجد ابن الفارض يقرر في تائيته الكبرى أن حسن كل مليح ومليحة معار من حسن الذات الإلهية، وأن قيسا حينما هام بلبنى، وأن مجنون ليلى حين هام بليلى، وأن كثير عزة حين هام بعزة، وأن كل العشاق حين