قد قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة التراويح. " نعمت البدعة هذه " هذا ولا بد من التمييز بين البدعة المستحسنة والبدعة المستقبحة والاعتراف بواقعية كل منهما وإلا فلا محال للإنكار...
ومعلوم أن العلماء قد اشترطوا لجواز النهي عن المنكر شرطين: الأول معرفة المنكر والثاني أن لا يؤدي نهيه إلى ارتكاب ما هو أعظم منه وأكثر الوهابيين فيما يمكرونها اليوم، من البدع والمكروهات يرتكبون أعظم منها لأنهم بإنكار هذه البدع يكفرون المسلمين الموحدين الذين هم في واد والكفر في واد - لا جرم - أن تكفير المسلم الموحد أكبر وأخطر من ارتكاب بعض البدع والمكروهات.
وأعجب شئ منهم هو أنهم يتأثرون للبدع والمكروهات وينكرون عليها بشدة، أكثر مما ينكرون على المحرمات كالكذب والغيبة والسخرية ونحوها من الكبائر. وقلما يوجد منهم من يتأثر لهذه الكبائر الغاشية تأثيره للبدع والمكروهات وشأنهم هذا شأن من يبنى قصرا ويهدم مصرا. وكان عليهم أن يقدموا الأهم فالأهم..
ولا يخفى أن القاعدة الإسلامية تقتضي أن لا يقول أحد قولا ولا يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه، وإلا فهو على خطر يخشى منه تحريم الحلال أو تحليل الحرام.. ولا يعتنى بهذا إننا نجوز البدع كلها أو نسعى إلى تشجيع البدعيين والمخالفين، بل بالعكس!
فنحن ضد البدع المخالفة للكتاب والسنة وضد الأوهام والخرافات الباطلة أيا كان مصدرها نسعى إلى قمعها والقضاء عليها بكل ما أوتينا من حول وقوة. ولكننا في نفس الوقت نعترف بأن هناك بدعا لا بأس بها إذا كانت هذه البدع تعين على أداء الواجبات أو المسنونات لأن كل ما يتوصل به إلى الواجب واجب. وما يتوصل به إلى السنة مندوب.
ونؤمن كذلك بأن البدع - كما ذكرها الفقهاء - تنقسم إلى خمسة أقسام واجبة، ومندوبة، ومباحة، ومكروهة، وحرام. لكل واحدة منها حكمها ومنزلتها.
ولذلك نرى وجوب التمييز بين البدعة الحسنة والبدعة القبيحة لنسمي الأولى سنة كما في الحديث: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) ونسمي الأخرى بدعة كما في حديث آخر: (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)