وهذا هو المقصود يقينا لكن استدلال الخوارج بقول علمائنا ماذا ينفعهم لأنهم لا يرضون بأقوال المذاهب واتباعهم من غير دليل من الكتاب والسنة وأي كتاب وأي سنة إذا طالبناهم بها يأتون بهما وليس لهم إلا ما ذكرنا سابقا وهو يدخل الاحتمال فيبطل به الاستدلال وذكر في الدر في مسألة الذبح أن ما أهل لغير الله هو أن يذبح الذبيحة ويتركها ولا يعطيها للفقراء وأما ما ذبح للأكل فليس بداخل فيما أهل به لغير الله كالذبح للضيف فإنه سنة الخليل إبراهيم عليه السلام ولو كان مما أهل لغير الله لدخل ما ذبح للضيف مثلا ومسألة الذبح للأولياء المقصود منه نفع الفقراء وحصول الثواب من الله للأولياء فهو أحسن من الذبح للضيف إذا لضيف غالبا يكون من الأغنياء الغير المستحقين كما هو معلوم نعم ذكروا الذبح للأمير أو السلطان أو لقدوم غايب يذبحه ويتركه بلا فايدة فيشبه ما ذبحه الكفار لأصنامهم فقالوا هو حرام وأما عند الأئمة الشافعية (فسئل) العلامة ابن حجر المكي في فتاواه عن النذر للأولياء هل يصح ويجب تسليم المنذور إليهم إن كانوا أحياء أو لأي فقير ومسكين كان وإن كان الولي ميتا فهل يصرف لمن من ذريته وأقاربه أو لمن ينهج منهجه أو يجلس في حلقته أو لفقيرة أو كيف الحال وما حكم النذر لتجصيص القبر أو حايطه فهل يصح أو لا (فأجاب) بقوله النذر للولي الحي صحيح ويجب صرفه إليه ولا يجوز صرف شئ لغيره وأما النذر للولي الميت فإن قصد الناذر تمليك الميت بطل نذره وإن قصد قربة أخرى كأولاده وخلفائه أو إطعام الفقراء الذين عند قبره أو غير ذلك من القرب المتعلقة بذلك الولي صح النذر ووجب صرفه فيما قصد الناذر وإن لم يقصد شيئا لم يصح إلا أن طردت عادة الناس في زمن الناذر بأنهم ينذرون للميت ويريدون جهة مخصوصة مما ذكرناه وعلم الناذر بتلك العادة المطردة المستقرة فالظاهر تنزيل نذره عليه أخذا بما ذكروه في الوقف من إن العادة المستقرة المرادة في زمن الواقف تنزل منزلة شرطه (وأما النذر) للتجصيص المذكور باطل نعم يؤخذ من كلام الأذرعي والزركشى وغيرهما أنه يصح لقبور الأنبياء والأولياء والعلماء وكذا لو كان الميت بمكان لا يؤمن عليه من سبع أو سرقة كفن أو إخراج نحو مبتدعة أو كفار له إلا بالتجصيص فحينئذ يجوز بل يندب ويصح نذره لما فيه من المصلحة كما تصح الوصية بذلك
(٣٧)