وإغاثة من يستغيث بها كالأحياء سواء بسواء، بل أشد وأعظم.
وقد ذكرنا لك فيما سبق عن ابن القيم أن الأرواح القوية كروح أبي بكر وعمر ربما هزمت جيشا إلى آخر ما ذكرناه، فإن كانوا لا يعرفون إلا المحسوسات ولا يعترفون إلا بالمشاهدات فما أجدرهم أن يسموا طبيعيين لا مؤمنين، على أننا نتنزل معهم ونسلهم لهم أن الأرواح بعد مفارقة الأجساد لا تستطيع أن تعمل شيئا، ولكن نقول لهم:
إذا فرضنا ذلك وسلمناه جدلا فلنا أن نقرر أنه ليست مساعدة الأنبياء والأولياء للمستغيثين بهم من باب تصرف الأرواح في هذا العالم على نحو ما قدمنا، بل مساعدتهم لمن يزورهم أو يستغيث بهم بالدعاء لهم كما يدعو الرجل الصالح لغيره، فيكون من دعاء الفاضل للمفضول أو على الأقل من دعاء الأخ لأخيه، وقد علمت أنهم أحياء يشعرون ويحسون ويعلمون، بل الشعور أتم والعلم أعم بعد مفارقة الجسد لزوال الحجب الترابية وعدم منازعات الشهوات البشرية.
وقد جاء في الحديث: إن أعمالنا تعرض عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فإن وجد خيرا حمد الله وإن وجد غير ذلك استغفر لنا.
لنا أن نقول إن المستغاث به والمطلوب منه الإغاثة هو الله تعالى، ولكن السائل يسأل متوسلا إلى الله بالنبي أو الولي في قضاء حاجته، فالله هو الفاعل والسائل سأله تعالى ببعض المقربين لديه الأكرمين عليه فكأنه يقول:
أنا من محبيه (أو محسوبيه) فارحمني لأجله، وسيرحم الله كثيرا من الناس يوم القيامة لأجل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وغيره، من الأنبياء والأولياء والعلماء بالشفاعية.
وبالجملة فإكرام الله لبعض أحباب نبيه لأجل نبيه بل بعض العباد لبعض أمر معروف غير مجهول، فمن ذلك الذين يصلون على الميت ويطلبون من الله أن يكرمه ويعفو عنه لاحلهم بقولهم: