التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٢٨٠
للمعتزلة في خلق الأفعال وإن اعتقد التسبب والاكتساب لم يكفر، وأنت تعلم أن غاية ما يعتقد الناس في الأموات هو أنهم متسببون ومكتسبون كالأحياء، لا أنهم خالقون موجدون كالإله، إذ لا يعقل أن يعتقد فيهم الناس أكثر من الأحياء وهم لا يعتقدون في الأحياء إلا الكسب والتسب، فإذا كان هناك غلط فليكن في اعتقاد التسبب والاكتساب لأن هذا هو نهاية ما يعتقده المؤمن في المخلوق كما قلنا وإلا لم يكن مؤمنا، والغلط في ذلك ليس كفرا ولا شركا، ولا نزال نكرر على مسامعك أنه لا يعقل أن يعتقد في الميت ذلك ليس كفرا ولا شركا، ولا نزال نكرر على مسامعك أنه لا يعقل أن يعتقد في الميت أكثر مما يعتقد في الحي، فيثبت الأفعال للحي على سبيل التسبب ويثبتها للميت على سبيل التأثير الذاتي والإيجاد الحقيقي، فإنه لا شك أن هذا مما لا يعقل.
فغاية أمر هذا المستغيث بالميت بعد كل تنزل أن يكون كمن يطلب العون من المقعد غير عالم أنه مقعد، ومن يستطيع أن يقول إن ذلك شرك؟، على أن التسبب مقدور للميت وفي إمكانه أن يكتسبه كالحي بالدعاء لنا، فإن الأرواح تدعو لأقاربها كما في الحديث الشريف إذ بلغهم عنهم ما يسوءهم فيقولون: (اللهم راجع بهم ولا تمتهم حتى تهديهم) بل الأرواح يمكنها المعاونة بنفسها كالأحياء، ويمكنها أن تلهمك أو ترشدك كالملائكة إلى غير ذلك على ما شرحناه، وكثيرا ما انتفع الناس برؤيا الأرواح في المنام ولعلنا نعود إليه.
يوسف الدجوي من هيئة كبار العلماء التوسل والاستغاثة جاءنا خطاب مطول بإمضاء: (مسلم بمكة)، أطال فيه صاحبه وأعاد وأبدى وأكثر وكرر ظنا منه أنه أتى بالقواصم، وقد ألح في طلب الإجابة حتى قال في آخر: (يا فضيلة الشيخ أرجوك وأناشدك الله الذي لا إله إلا هو إلا ما حققت هذا الموضوع وأنصفت فيه).
ونحن نلخص ما جاء فيه من الأسئلة معرضين عما فيها من غمز مشوب بأدب وتعريض نسامحه فيه فنقول وبالله التوفيق:
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»