وإذا جاز السؤال بالأعمال، فبالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أولى، لأنه أفضل المخلوقات، والأعمال منها، والله أعظم حبا له صلى الله تعالى عليه وسلم من الأعمال وغيرها.
وليت شعري ما المانع من ذلك؟، واللفظ لا يفيد شيئا أكثر من أن للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم قدرا عند الله تعالى، والمتوسل لا يريد غير هذا المعنى، ومن ينكر قدره عند الله فهو كافر كما قلنا، ولو كنا مثلهم نأخذ بالظنة ونسارع إلى تكفير المسلمين لأمكننا أن نقول لهم: إن من لا يعرف قدر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أولى بالإشراك ممن عرفه، ومن استباح دماء المسلمين أقرب إلى الضلال ممن استبرأ لدينه وعرضه.
وبعد فمسألة التوسل تدور على عظمة المسؤول به ومحبته، فالسؤال بالنبي إنما هو لعظمته عند الله أو لمحبته إياه، وذلك مما لا شك فيه، على أن التوسل بالأعمال متفق عليه منا ومنهم، فلماذا لا نقول إن من يتوسل بالأنبياء أو الصالحين هو متوسل بأعمالهم التي يحبها الله تعالى؟، وقد ورد بها حديث أصحاب الغار فيكون من محل الاتفاق، ولا شك أن المتوسل بالصالحين إنما يتوسل بهم من حيث إنهم صالحون فيرجع الأمر إلى الأعمال الصالحة المتفق على جواز التوسل بها كما قلنا في صدر المقالة.
يوسف الدجوي من هيئة كبار العلماء التوسل والاستغاثة لا تزال الرسائل ورادة علينا بشأن التوسل طلبا للتوضيح والإسهاب، وقد ذكر بعض مرسليها إن من الناس من يكفر المتوسلين برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الذي سنتوسل به جميعا يوم القيامة على ما نطقت به الأحاديث الصحيحة، ولو قالوا إن في المسألة تفصيلا أو أن بعض العبارات التي يقولها المتوسلون أو الزائرون ينبغي التحاشي عنها وتعليمهم ما يصح أن يقولوه في توسلهم أو عند زيارتهم، لقبلنا منهم ذلك وشكرناهم عليه، ولكنهم أفرطوا كل الافراط فرأينا أن نفيض القول في ذلك، فلعلنا بزيادة التقرير والتكرير نزيل تلك العقيدة التي هي أخطر شئ على الإسلام والمسلمين، ولنجعل الكلام معهم في مقامين حتى نفحمهم بالمعقول والمنقول فنقول: