التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٢٧٩
وقد جئناك شفعاء فشفعنا فيه، ومن ذلك أيضا إكرام الغلامين اليتيمين باستخراج الكنز من تحت جدارهما لصلاح أبيهما.
ومن ذلك أيضا إلحاق الذرية الناقصين في الأعمال بدرجات آبائهم الكاملين فيها.
والمقصود من ذلك كله إثبات أن الله يرحم بعض العباد ببعض على أن توجه الإنسان إلى النبي أو الولي والتجاءه إليه تحس به روح النبي والولي تمام الاحساس وهو كريم ذو وجاهة عند الله تعالى.
وقد قال تعالى في كليمه موسى عليه الصلاة والسلام: (وكان عند الله وجيها)، وقال تعالى في عيسى عليه الصلاة والسلام: (وجيها في الدنيا والآخرة)، فتعتني تلك الروح بذلك الملتجئ أشد الاعتناء في تسديده وتأييده والدعاء له هي والملائكة الذين يجلونها يحبون مسرتها ورضاها.
والأنبياء والأولياء محبوبون للملائكة بدليل قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: (إن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل في السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه) إلى آخر الحديث وإن الملائكة عليهم الصلاة والسلام لتقول للذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا: (نحسن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة)، كما نص على ذلك القرآن الشريف، وذلك سر التوجه إلى الأولياء وزيارتهم لتتنبه أرواحهم لحال الزائر وتلتفت إلى معونته بما أعطاهم الله تعالى من الخصائص، كما تنفع أخاك بما أعطاك الله من قوة أو وجاهة أو مكانة أو ثروة أو أعوان أو أنصار إلى آخره، وإن الإنسان هو هو في الدنيا والآخرة من حيث روحه التي هي باقية في العالمين، وليس الإنسان إنسانا إلا بها كما شرحنا والأمر جلي، (ولكنها الأهواء عمت فأعمت).
ولنرجئ تتميم المقام الثاني، فربما طال الكلام فيه لعدد آخر إن شاء الله تعالى.
والخلاصة: أن المستغيث لا يكفر إلا إذا اعتقد الخلق والإيجاد لغير الله تعالى، والتفرقة بين الحي والميت لا معنى لها، فإنه إن اعتقد الايجاد لغير الله كفر، على خلاف
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»