التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٢٧٠
يشفعوا لهم لمنزلتهم عنده تعالى، وإن كان الله أقرب إليهم من حبل الوريد، واتباع كل نبي كانوا يتوسلونه إلى الله بذلك النبي.
وقد ثبت التوسل به صلى الله تعالى عليه وسلم قبل وجوده وبعد وجوده في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ، وبعد البعث في عرصات القيامة، أما التوسل به قبل وجوده فيدل له ما أخره الحاكم وصححه ولم يتعقبه الذهبي في كتابه الذي تعقب به الحاكم في مستدركه.
وقد صح عن مالك الإمام أيضا على ما رواه القاضي عياض في الشفاء أن آدم عليه الصلاة والسلام لما أكل من الشجرة توسل إلى الله بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال له: من أين عرفت محمدا ولم أخلقه فقال: وجدت اسمه مكتوبا بجنب اسمك فعلمت أنه أحب الخلق إليك، فقال الله: إنه لأحب الخلق إلي وإذ توسلت به فقد غفرت لك، وقال مالك للمنصور وقد سأله: يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم؟ فقال له الإمام مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك إلى الله ووسيلة أبيك آدم يشير إلى ذلك الحديث.
وقال المفسرون في قوله تعالى: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا): إن قريظة والنضير كانوا إذا حاربوا مشركي العرب استنصروا عليهم بالنبي المبعوث في آخر الزمان فينتصرون عليهم، وهو مروي عن ابن عباس وقتادة وغيرهما، فأنت تراهم سألوا الله به قبل وجوده.
وأما التوسل به بعد وجوده في حياته فلا أظن أن أحدا يماري فيه، فقد كانوا يذهبون إليه في كل شدة إذا أجدبوا أو نزلوا منزلا فلم يجدوا به ماء، وعندما يمسهم ضرا أو كرب مما لا يسعنا الإفاضة فيه الآن، وإن أنكره منكر ملأنا له الدنيا أدلة وبراهين، وإن سموا بعضه استغاثة فلا ضرر فإنه يثبت المطلوب بالطريق الأولى ويرد عليهم على كل حال، والنزاع ليس في ألفاظ وعبارات = كما قلنا في العدد السابق =، ولكن نسوق لك الآن حديثا صحيحا أخرجه الترمذي وصححه والنسائي والبيهقي والطبراني بأسانيد صحيحة = اعترف بها الحفاظ (حتى الشوكاني).
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»