التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ٢٧١
رووا جميعا بن عثمان بن حنيف رضي الله تعالى عنه أن رجلا أعمى جاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو جلوس معه، فشكا إليه ذهاب بصره فأمره بالصبر، فقال ليس لي قائد، وقد شق علي فقد بصري، فقال له: (ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي اللهم شفعه في) في وفي رواية (فإن كان لك حاجة فمثل ذلك)، قال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرق بنا المجلس حتى دخل علينا بصيرا كأنه لم يكن به ضر، هذا هو الحديث الصحيح الصريح الذي يقطع النزاع. ولكن السخيف المتعصب لا يعدم خيالا فاسدا وكلاما فارغا، وقد قال الله تعالى (وكان الإنسان أكثر شئ جدلا) فلننتظر حتى يتخيل.
وإني ألفت نظرك إلى قوله عليه الصلاة والسلام (فإن كان لك حاجة فمثل ذلك وإلى ندائه صلى الله وسلم وهو غائب، ونداء الأموات شرك عند الوهابيين).
وأما التوسل به بعد وفاته فيمكننا أن نستدل عليه بهذا الحديث، فإن قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: (فإن كان لك حاجة فمثل ذلك) صريح في جوازه بلا قيد ويدل له أيضا ما رواه الطبراني والبيهقي والترمذي بسند صحيح بن عثمان بن حنيف رضي الله تعالى عنه أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان زمن خلافته في حاجة له فكان له يلتفت إليه، فرجا عثمان بن حنيف أن يكلمه في شأنه، فعلمه الدعاء المذكور فتوضأ وصلى ثم دعا به كما علمه، ثم جاء إلى باب عثمان فأخذه الخادم وأدخله عليه فأجلسه بجانبه على الطنفسة ثم قضى حاجته وقال له: وإذا عرضت لك حاجة فأتنا، فلما قابل الرجل عثمان ابن حنيف قال له: جزاك الله خيرا، وما كان ينظر في حاجتي حتى كلمته فيها، فقال له:
والله ما كلمته ولكني كنت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فدخل علمه أعمى وذكر الحديث.
هذا وقد توسل صلى الله تعالى عليه وسلم بالأنبياء بعد موتهم كما في الحديث الصحيح، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، وكانت ربت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»