وهذا بصرف النظر عما إذا كان السجين قد سرق ريالا واحدا أو تمرة أو قطعة رغيف لإنقاذ حياته من الجوع، فإن الحكم يستوي في ذلك، فإذا سرق لأول مرة فأن يده اليمنى يجب أن تقطع من ناحية المعصم، وإذا سرق مرة أخرى، فيجب أن تبتر رجله اليسرى، وثالث مرة تقطع قدمه من ناحية المفصل، ولا تظنوا أن فيما أقوله مبالغة فقد أشرفت بنفسي على بعض هذه العمليات المضحكة التي ذهب ضحيتها أحد الفقراء، أما اللص الحقيقي فذلك الحاكم الذي يأمر بقطع ثلاثة أعضاء من جسم الفقير العاطل عن العمل، وليس هناك ثمة خلاف " في تطبيق الحكم " كما قلت إذا كان المتهم قد سرق كسرة من الخبز ليطعم بها عائلته التي تموت جوعا، فأن " الحكم " لا يخفف وهو واجب التنفيذ في هذا الصدد!.
وبصفتي طبيبا فقد كنت أحضر مئات من هذه " المحاكمات " العلنية وذلك لكي أعالج السجين بعد أن ينتهي معه هؤلاء الموظفون والعبيد. ولقد صممت على أن أعمل تقريرا عن هذه الوحشية إلى العالم الخارجي مهما كان في ذلك الأمر من مخاطرة. وقد أدخل الحكام أخيرا بعض التحسينات على هذه التشويهات في المدن الكبيرة فقط...
فعندما تجري هذه التشويهات في إحدى المدن الكبيرة يحضر بعض الأطباء لاستعمال " ضاغطة الشرايين " ويعالج الضحية من الصدمة، ثم يأخذه بعد ذلك إلى الصيدلية..
تجري هذه " التحسينات " كما قلت في المدن التي يوجد بها عدد من الأجانب الذين يهزؤون ويبكون أحيانا لهذه المناظر المؤذية. أما في المدن الصغيرة، فأن الأيدي والأرجل تغمس في الزيت المغلي بعد قطعها لإيقاف نزيف الدم! وغالبا ما يموت الضحية، وأما في القرى البعيدة فإن السجين يترك ليعالج نفسه بنفسه، أي ليموت موتا بطيئا.. " وفي البلاد المتمدنة " التي يسيطر عليها الأمريكان، كالظهران مثلا، يعطى للسجين حقنة ضد (التيتانوس) وهي إحدى الوسائل التي تميز البلاد " المتمدنة " عن البلاد المتأخرة في المملكة العربية السعودية السعيدة!.
وقد صرح لي شخص مطلع جدا ومن الحاشية بأنه (قد زاد عدد الذين قطعت أيديهم وأرجلهم عن 100 ألف رجل وطفل وامرأة منذ أن حل في البلاد حكم العائلة السعودية) فليتصور الأوربي مصير هؤلاء الناس وعائلاتهم.. بل ليتصور العرب الذين يهاجمون